مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ [النور: ١١] قيل: إنه حسان بن ثابت وأصحابه، ويقال: عبد الله بن أبى وأصحابه.
ثم قال: لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ أى هلا قلتم إذ سمعتموه كما قال أبو أيوب الأنصارى وصاحبته أم أيوب، وذلك أنها قالت لزوجها: يا أبا أيوب، ألا تسمع ما يقول الناس فى عائشة؟
قال: بلى وذلك الكذب، أكنت يا أم أيوب فاعلته؟ قال: لا والله ما كنت لأفعله. قال:
فعائشة والله خير منك.
ثم قال تعالى: إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ.
فلما نزل هذا فى عائشة وفيمن قال لها ما قال قال أبو بكر- رحمه الله وكان ينفق على مسطح لقرابته وحاجته: والله لا أنفق على مسطح أبدا ولا أنفعه بنفع أبدا بعد الذى قال لعائشة وادخل علينا. قالت: فأنزل الله فى ذلك وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [النور: ٢٢] قالت: فقال أبو بكر: بلى، والله إنى لأحب أن يغفر الله لى فرجع إلى مسطح نفقته التى كان ينفق عليه وقال: والله لا أنزعها منه أبدا.
وذكر ابن إسحاق «١» : أن حسان بن ثابت مع ما كان منه فى صفوان بن المعطل من القول السىء قال مع ذلك شعرا يعرض فيه بصفوان ومن أسلم من مضر يقول فيه:
أمسى الجلابيب قد عزوا وقد كثروا ... وابن الفريعة أمسى بيضة- البلد
فلما بلغ ذلك ابن المعطل اعترض حسان بن ثابت فضربه بالسيف ثم قال:
تلق ذباب السيف عنى فإننى ... غلام إذا هو جيت لست بشاعر
فوثب عند ذلك ثابت بن قيس بن شماس على صفوان فجمع يديه إلى عنقه بحبل ثم انطلق به إلى دار بنى الحارث بن الخزرج، فلقيه عبد الله بن رواحة فقال: ما هذا؟ قال:
أما أعجبك ضرب حسان بالسيف؟ والله ما أراه إلا قد قتله. فقال له ابن رواحة: هل علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشىء مما صنعت؟ قال: لا والله. قال: لقد اجترأت، أطلق الرجل.
فأطلقه.
(١) انظر السيرة (٣/ ٢٧٨) .