للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

«بئس الكلام هذا، بل هو أعظم الفتوح، قد رضى المشركون أن يدفعوكم بالراح عن بلادهم ويسألوكم القضية ويرغبوا إليكم فى الأمان، وقد رأوا منكم ما كرهوا وأظفركم الله عليهم وردكم سالمين مأجورين، فهو أعظم الفتوح، أتنسون يوم أحد إذ تصعدون ولا تلوون على أحد وأنا أدعوكم فى أخراكم؟! أنسيتم يوم الأحزاب إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا؟» «١» فقال المسلمون: صدق الله ورسوله فهو أعظم الفتوح، والله ما فكرنا فيما فكرت فيه، ولأنت أعلم بالله وأمره منا.

وفى الصحيح من حديث سهل بن حنيف أنه قال يوم صفين: يا أيها الناس اتهموا رأيكم على دينكم، فلقد رأيتنى يوم أبى جندل ولو أستطيع أن أراد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لرددته والله ورسوله أعلم.

وخرج البخارى من حديث البراء بن عازب قال: تعدون أنتم الفتح فتح مكة وقد كان فتح مكة فتحا، ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية، كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عشرة مائة والحديبية بئر، فنزحناها فلم نترك فيها قطرة، فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم فأتاها فجلس على شفيرها ثم دعا بإناء من ماء فتوضأ ثم مضمض ودعا ثم صبه فيها فتركناها غير بعيد، ثم إنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركابنا.

وعن سالم بن أبى الجعد عن جابر بن عبد الله قال: عطش الناس يوم الحديبية ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة فتوضأ منها ثم أقبل الناس نحوه فقالوا: يا رسول الله، ليس عندنا ماء نتوضأ به ولا يشرب إلا ما فى ركوتك. قال: فوضع النبى صلى الله عليه وسلم يده فى الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون. قال: فشربنا وتوضانا؛ فقلت لجابر كم كنتم يومئذ؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة «٢» .


(١) انظر الحديث فى: دلائل النبوة للبيهقى (٤/ ١٦٠) ، الدر المنثور للسيوطى (٦/ ٦٨) .
(٢) الحديث عن نبع الماء من بين أصابع النبى صلى الله عليه وسلم وانبجاسه وتدفقه وفورانه متعدد المواضع لتكرر حدوثه، وهو محكى فى البخارى الصحيح ج ١ ص ٨٩، ١٠٠، ١٠٢ (كتاب الوضوء) ، ج ٥ ص ٣٥، ٣٦، ٣٨ (كتاب المناقب) ، ج ٤ ص ٢٦٠، (باب غزوة الحديبية) ، مسلم. الجامع الصحيح ج ٢ ص ١٣٨- ١٤١ (كتاب المساجد، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها) ، ج ٧ ص ٥٩ (كتاب الفضائل، باب معجزات النبى صلى الله عليه وسلم) ، ج ٨ ص ٢٣٥، ٢٣٦ (كتاب الزهد والرقائق، حديث جابر الطويل وقصة أبى اليسر) . وراجع: ابن جماعة، المختصر الصغير (ص ٦٠) .