للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله صلى الله عليه وسلم برايته، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم فضربه رجل من يهود فطرح ترسه من يده، فتناول علىّ بابا كان عند الحصن فترس به عن نفسه، فلم يزل فى يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه ثم ألقاه من يده حين فرغ، فلقد رأيتنى فى نفر معى سبعة أنا ثامنهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه.

وحدث أبو اليسر كعب بن عمرو قال: إنا لمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر ذات عشية إذ أقبلت غنم لرجل من يهود تريد حصنهم ونحن محاصروهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رجل يطعمنا من هذه الغنم؟» «١» فقال أبو اليسر: أنا يا رسول الله، قال: «فافعل» . قال:

فخرجت أشتد مثل الظليم، فلما رآنى رسول الله صلى الله عليه وسلم موليا قال: «اللهم أمتعنا به!» «٢» قال: فأدركت الغنم وقد دخلت أولاها الحصن فأخذت شاتين من أخراها فاحتضنتهما تحت يدى ثم أقبلت بهما أشتد كأنه ليس معى شىء حتى ألقيتهما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذبحوهما فأكلوهما. فكان أبو اليسر من آخر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم موتا، فكان إذا حدث هذا الحديث بكى ثم قال: أمتعوا بى لعمرى حتى كنت من آخرهم!

وحاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر فى حصنيهم «الوطيح» و «السلالم» حتى إذا أيقنوا بالهلكة سألوه أن يسيرهم وأن يحقن لهم دماءهم ففعل. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حاز الأموال كلها: الشق ونطاة والكتيبة؛ وجميع حصونهم إلا ما كان من ذينك الحصنين، فلما سمع بهم أهل فدك قد صنعوا ما صنعوا بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه أن يسيرهم وأن يحقن لهم دماءهم ويخلوا له الأموال ففعل.

فلما نزل أهل خيبر على ذلك سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعاملهم فى الأموال على النصف، وقالوا: نحن أعلم بها منكم وأعمر لها، فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم، فصالحه أهل فدك على مثل ذلك، فكانت خيبر فيئا بين المسلمين.

وكانت فدك خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم لم يجلبوا عليها بخيل ولا ركاب.

فلما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدت له زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم شاة مصلية. وقد سألت أى عضو من الشاة أحب إليه؟ فقيل لها: الذراع فأكثرت فيها من السم. ثم سمت سائر الشاة، ثم جاءت بها فلما وضعتها بين يديه تناول الذراع فلاك


(١) انظر الحديث فى: مسند الإمام أحمد (٣/ ٤٢٧) ، مجمع الزوائد للهيثمى (٦/ ١٤٩) .
(٢) انظر الحديث فى: مسند الإمام أحمد (٣/ ٤٢٧) ، البداية والنهاية لابن كثير (٤/ ١٩٥) .