للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منها مضغة فلم يسغها ومعه بشر بن البراء بن معرور قد أخذ منها كما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما بشر فأساغها وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلفظها ثم قال: «إن هذا العظم ليخبرنى أنه مسموم» «١» . ثم دعا بها فاعترفت. فقال: «ما حملك على ذلك؟» «٢» قالت: بلغت من قومى ما لم يخف عليك فقلت: إن كان ملكا استرحت منه؛ وإن نبيا فسيخبر. فتجاوز عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومات بشر بن البراء من أكلته التى أكل.

وذكر ابن عقبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تناول الكتف من تلك الشاة فانتهش منها وتناول بشر عظما فانتهش منه؛ فلما استرط رسول الله صلى الله عليه وسلم لقمته استرط بشر ما فى فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ارفعوا أيديكم فإن كتف هذه الشاة يخبرنى أنى بغيت فيها» . فقال بشر بن البراء: والذى أكرمك لقد وجدت ذلك فى أكلتى التى أكلت فما منعنى أن ألفظها إلا أنى اعظمت أن أنغصك طعامك، فلما أسغت ما فى فيك لم أكن أرغب بنفسى عن نفسك، ورجوت أن لا تكون استرطتها وفيها بغى.

فلم يقم بشر من مكانه حتى عاد لونه مثل الطيلسان وماطله وجعه حتى كان لا يتحول إلا ما حول.

قال جابر بن عبد الله: واحتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم- يومئذ- على الكاهل، حجمه أبو طيبة مولى بنى بياضة. وبقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده ثلاث سنين حتى كان وجعه الذى توفى منه، فدخلت عليه أم بشر، بنت البراء بن معرور تعوده فيما ذكر ابن إسحاق فقال لها: «يا أما بشر: إن هذه لأوان وجدت انقطاع أبهرى من الأكلة التى أكلت مع أخيك بخيبر» «٣» .


(١) انظر الحديث فى: البداية والنهاية لابن كثير (٤/ ٢١١) .
(٢) انظر الحديث فى: سنن ابن ماجه (٢٠٦٥) ، السنن الكبرى للبيهقى (٧/ ٣٨٦، ٩/ ١٤٧) ، مستدرك الحاكم (١/ ٤٨٣، ٣/ ٣٠١) ، المعجم الكبير للطبرانى (١/ ٢٢٧، ١١/ ٢٣٦) ، مجمع الزوائد للهيثمى (٨/ ٢٩٥، ٢٩٦، ٩/ ٣٠٣، ٣٠٤) ، مصنف عبد الرزاق (١٥٢٥، ١٥٢٦) ، الطبقات الكبرى لابن سعد (٨/ ١٠٩) ، الدر المنثور للسيوطى (٣/ ٣٥٣، ٦/ ١٨٣) ، مشكاة المصابيح للتبريزى (٣٣٠٢) ، فتح البارى لابن حجر (١٧/ ٤٩٧) ، إرواء الغليل للألبانى (٧/ ١٧٩) ، تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر (٥/ ١٠٠) ، العلل المتناعية لابن الجوزى (١/ ٢٢٩) .
(٣) انظر الحديث فى: البداية والنهاية لابن كثير (٤/ ٢١١) .