للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من يشهد أنى رسول الله» «١» . وكانوا يغدون على رسول الله كل يوم ويخلفون عثمان بن أبى العاص على رحالهم لأنه أصغرهم، فكان عثمان كلما رجع الوفد إليه وقالوا بالهاجرة عمد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن الذين واستقرأه القرآن، فاختلف إليه عثمان مرارا حتى فقه فى الدين وعلم. وكان إذا وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم نائما عمد إلى أبى بكر، وكان يكتم ذلك من أصحابه، فأعجب ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحبه.

فمكث الوفد يختلفون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يدعوهم إلى الإسلام، فقال له كنانة ابن عبد ياليل: هل أنت مقاضينا حتى نرجع إلى قومنا ثم نرجع إليك؟ فقال: «نعم، إن أنتم أقررتم بالإسلام قاضيتكم وإلا فلا قضية ولا صلح بينى وبينكم» .

قالوا: أرأيت الزنا؟ فإنا قوم نغترب ولا بد لنا منه. قال: «هو عليكم حرام إن الله» يقول: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلًا [الإسراء: ٣٢] .

قالوا: فالربا؟ قال: «والربا» . قالوا: إنه أموالنا كلها. قال: «فلكم رؤس أموالكم» ، قال الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [البقرة: ٢٧٨] . قالوا فالخمر؟ فإنها عصير أرضنا ولا بد لنا منها. قال: «إن الله قد حرمها» ، قال الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة: ٩٠] .

فارتفع القوم فخلا بعضهم إلى بعض وقالوا: ويحكم إنا نخاف إن خالفناه يوما كيوم مكة، انطلقوا فأعطوه ما سأل وأجيبوه. فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: لك ما سألت.

أرأيت الربة ماذا نصنع فيها؟ قال: «اهدموها» . قالوا: هيهات! لو تعلم الربة أنا نريد هدمها لقتلت أهلنا. فقال عمر: ويحك يا بن عبد ياليل ما أحمقك إنما الربة حجر، قال:

إنا لم نأتك يا ابن الخطاب. ثم قال: يا رسول الله، تول أنت هدمها، فأما نحن فلن نهدمها أبدا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فسأ بعث إليكم من يكفيكم هدمها» . قال كنانة: ائذن لنا قبل رسولك ثم ابعث فى آثارنا، فإنى أعلم بقومى، فأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكرمهم وحملهم. قالوا: يا رسول الله، أمر علينا رجلا يؤمنا، فأمر عليهم عثمان بن أبى العاص «٢» لما رأى من حرصه على الإسلام وقد كان علم سورا من القرآن قبل أن يخرج.


(١) ذكره البيهقى فى دلائل النبوة (٥/ ٣٠٠) .
(٢) انظر ترجمته فى: الاستيعاب الترجمة رقم (١٧٩١) ، الإصابة الترجمة رقم (٥٤٥٧) ، أسد الغابة الترجمة رقم (٣٥٨١) ، تهذيب الكمال (٦/ ٢١٢) ، تهذيب التهذيب (٧/ ١٢٨، ١٢٩) ، خلاصة تذهيب الكمال (٩١٣) ، شذرات الذهب (١/ ٣٦) ، سير أعلام النبلاء (٢/ ٣٧٤) .