للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال كنانة «١» لأصحابه: أنا أعلمكم بثقيف فاكتموهم إسلامكم وخوفوهم الحرب والقتال وأخبروهم أن محمدا سألنا امورا أبيناها عليه، سألنا أن نهدم اللات ونبطل أموالنا فى الربا ونحرم الخمر.

حتى إذا دنوا من الطائف خرجت إليهم ثقيف يتلقونهم، فلما رأوهم قد ساروا العنق وقطروا الإبل وتغشوا ثيابهم كهيئة قوم قد حزنوا أو كذبوا قالت ثقيف بعضهم لبعض: ما جاؤكم بخير. فلما دخلوا حصنهم عمدوا للآت فجلسوا عندها، واللات بيت كانوا يعبدونه ويسترونه ويهدون له الهدى يضاهون به بيت الله، ثم رجع كل واحد منهم إلى أهله فجاء كل رجل حامية من ثقيف فسألوه: ماذا جئتم به؟ قالوا: أتينا رجلا فظا غليظا يأخذ من أمره ما شاء قد ظهر بالسيف وأداخ العرب ودان له الناس، فعرض علينا أمورا شدادا: هدم اللات وترك الأموال فى الربا إلا رؤس أموالكم وحرم الخمر والزنا. قالت ثقيف: والله لا نقبل هذا أبدا. قال الوفد: أصلحوا السلاح وتهيئوا للقتال ورموا حصنكم.

فمكثت ثقيف بذلك يومين أو ثلاثة تريد القتال ثم ألقى الله الرعب فى قلوبهم وقالوا: والله ما لنا به طاقة أداخ العرب كلها فارجعوا إليه فأعطوه ما سأل وصالحوه عليه. فلما رأى الوفد أنهم قد رعبوا واختاروا الأمن على الخوف وعلى الحرب، قالوا لهم: إنا قد فرغنا من ذلك، قد قاضيناه وأسلمنا وأعطانا ما أحببنا واشترطنا ما أردنا وجدناه اتقى الناس وأوفاهم وأرحمهم وأصدقهم وقد بورك لنا ولكم فى مسيرنا إليه وفيما قاضيناه عليه. فقالت ثقيف: فلم كتمتمونا هذا الحديث وغممتمونا بذلك أشد الغم؟ قالوا: أردنا أن ينزع الله من قلوبكم نخوة الشيطان، فأسلموا مكانهم واستسلموا.

فمكثوا أياما ثم قدم عليهم رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر عليهم خالد بن الوليد وفيهم المغيرة بن شعبة، فلما قدموا عليهم عمدوا للات ليهدموها وانكفأت ثقيف كلها الرجال والنساء والصبيان حتى خرج العواتق من الحجال وهم لا يرون أنها تهدم ويظنون أنها ستمتنع. فقام المغيرة بن شعبة «٢» وقال لأصحابه: لأضحكنكم من ثقيف فأخذ الكرزن


(١) انظر ترجمته فى: الاستيعاب الترجمة رقم (٢٢٤٣) ، الإصابة الترجمة رقم (٧٤٧٨) ، أسد الغابة الترجمة رقم (٤٥٠٥) .
(٢) انظر ترجمته فى: الاستيعاب الترجمة رقم (٢٥١٢) ، الإصابة الترجمة رقم (٨١٩٧) ، أسد الغابة الترجمة رقم (٥٠٧١) ، التاريخ لابن معين (٢/ ٥٧٩) ، ترتيب الثقات (٤٣٧) ، الطبقات لابن سعد (٢/ ٢٨٤) ، أنساب الأشراف (١/ ١٦٨) ، مروج الذهب (١٦٥٦) ، الكامل فى التاريخ-