للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إن قصيا هلك، فأقام أمره فى قومه وفى غيرهم بنوه من بعده. فاختطوا مكة رباعا بعد الذى كان قصى قطع لقومه بها، فكانوا يقطعونها فى قومهم وفى غيرهم من حلفائهم ويبيعونها.

فأقامت قريش على ذلك معهم ليس بينهم اختلاف ولا تنازع «١» .

ثم إن بنى عبد مناف بن قصى: عبد شمس وهاشما والمطلب ونوفلا أجمعوا أن يأخذوا ما فى يدى بنى عبد الدار بن قصى مما كان قصى جعل إلى عبد الدار من الحجابة واللواء والسقاية والرفادة، ورأوا أنهم أولى بذلك منهم لشرفهم عليهم وفضلهم فى قومهم، فتفرقت عند ذلك قريش، فكانت طائفة منهم مع بنى عبد مناف على رأيهم يرون أنهم أحق به من بنى عبد الدار لمكانهم فى قومهم، وكانت طائفة مع بنى عبد الدار يرون ألا ينزع منهم ما كان قصى جعل إليهم.

فكان صاحب أمر بنى عبد مناف، عبد شمس بن عبد مناف؛ وذلك أنه كان أسنهم.

وكان صاحب أمر بنى عبد الدار عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار.

وكانت بنو أسد بن عبد العزى بن قصى، وبنو زهرة بن كلاب، وبنو تيم بن مرة ابن كعب، وبنو الحارث بن فهر مع بنى عبد مناف.

وكان بنو مخزوم بن يقظة بن مرة، وبنو سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب، وبنو جمح بن عمرو بن هصيص، وبنو عدى بن كعب مع بنى عبد الدار.

وخرجت عامر بن لؤى ومحارب بن فهر، فلم يكونوا مع واحد من الفريقين.

فعقد كل قوم على أمرهم حلفا مؤكدا على أن لا يتخاذلوا ولا يسلم بعضهم بعضا ما بل بحر صوفة «٢» .

فأخرج بنو عبد مناف جفنة مملوءة طيبا «٣» فوضعوها لأحلافهم فى المسجد عند


(١) انظر: السيرة (١/ ١٢٠)
(٢) قال فى اللسان (مادة صوف) : صوف البحر شىء على شكل هذا الصوف الحيوانى واحدته صوفة، ومن الأبديات قولهم: لا آتيك ما بل بحر صوفة.
(٣) قال فى السيرة: يزعمون أن بعض نساء بنى عبد مناف قد أخرجته لهما، ولم يسمها. وقال السهيلى فى الروض الأنف: سماها الزبير فى موضعين من كتابه فقال: هى أم حكيم البيضاء بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوأمة أبيه. انظر: الروض الأنف (١/ ١٥٣) .