فقام فيميون فتطهر وصلى ركعتين، ثم دعا الله عليها، فأرسل الله ريحا فجعفتها من أصلها فألقتها. فاتبعه عند ذلك أهل نجران على دينه، فحملهم على الشريعة من دين عيسى ابن مريم عليه السلام، ثم دخلت عليهم الأحداث التى دخلت على أهل دينهم بكل أرض، فمن هنالك كانت النصرانية بنجران، فيما ذكر وهب بن منبه فى حديثه هذا.
وأما محمد بن كعب القرظى، وبعض أهل نجران، فذكروا أن أهل نجران كانوا أهل شرك، يعبدون الأوثان، وكان فى قرية من قراها ساحر يعلم غلمان أهل نجران السحر، فلما نزلها فيميون ولم يسمه محمد بن كعب ولا شركاؤه فى الحديث، قالوا: رجل نزلها ابتنى خيمة بين نجران وبين تلك القرية التى بها الساحر، فجعل أهل نجران يرسلون غلمانهم إلى ذلك الساحر، فبعث الثامر ابنه عبد الله مع غلمان أهل نجران، فكان إذا مر بصاحب الخيمة أعجبه ما يرى من صلاته وعبادته، فجعل يجلس إليه ويسمع منه، حتى أسلم فوحد الله وعبده، وجعل يسأله عن شرائع الإسلام، حتى إذا فقه فيه جعل يسأله عن الاسم الأعظم، وكان يعلمه، فكتمه إياه، فقال: يا ابن أخى إنك لن تحمله، أخشى عليك ضعفك عنه.
والثامر أبو عبد الله بن الثامر، لا يظن إلا أن ابنه يختلف إلى الساحر كما يختلف الغلمان.
فلما رأى عبد الله أن صاحبه قد ضن به عنه وتخوف ضعفه فيه، عمد إلى قداح فجمعها، ثم لم يبق لله اسما يعلمه إلا كتبه فى قدح، لكل اسم قدح، حتى إذا أحصاها أو قد لها نارا، ثم جعل يقذفها فيها قدحا قدحا، حتى إذا مر بذلك الاسم الأعظم قذف فيها بقدحه فوثب القدح حتى خرج منها لم تضره شيئا، فأخذه ثم أتى صاحبه فأخبره أنه قد علم الاسم الذى كتمه، فقال: وما هو؟ قال: هو كذا وكذا قال: وكيف علمته؟ فأخبره بما صنع، قال أى ابن أخى، قد أصبته فأمسك على نفسك وما أظن أن تفعل.
فجعل عبد الله بن الثامر إذا دخل نجران لم يلق أحدا به ضر إلا قال له: يا عبد الله، أتوحد الله وتدخل فى دينى فأدعو الله فيعافيك مما أنت فيه من البلاء؟ فيقول: نعم.