للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن إسحاق: ويقال: كان فيمن قتل ذو نواس عبد الله بن الثامر رأسهم وإمامهم. وحدث عن عبد الله بن أبى بكر أنه حدث أن رجلا من أهل نجران حفر خربة من خرب نجران فى زمن عمر بن الخطاب، فوجدوا عبد الله بن الثامر تحت دفن منها قاعدا واضعا يده على ضربة فى رأسه ممسكا عليها بيده، فإذا أخرت يده عنها تثعبت دما، وإذا أرسلت يده ردها عليها فأمسك دمها، فى يده خاتم مكتوب فيه: ربى الله.

فكتب فيه إلى عمر، فكتب إليهم: أن أقروه على حاله وردوا عليه الدفن الذى كان عليه. ففعلوا «١» .

وذو نواس هذا هو زرعة بن تبان أسعد أبى كرب، وهو تبع الآخر، وقد تقدم خبره، وابنه زرعة ذو نواس هذا كان من صغار بنيه، وصار إليه ملك اليمن، وأمر حمير بعد أبيه بزمان.

وذلك أنه ملك اليمن بين أضعاف ملوك التبابعة، ربيعة بن نضر بن أبى حارثة ابن عمرو بن عامر، وكان من سادات اليمن وأهل الشرف منها. وهو صاحب الرؤيا التى يعرف من تأويلها استيلاء الحبشة على اليمن، والبشارة بظهور النبى صلى الله عليه وسلم.

وذلك أنه رأى رؤياه هالته وفظع بها، فلم يدع كاهنا ولا ساحرا ولا عائفا ولا منجما من أهل مملكته إلا جمعه إليه، فقال لهم: إنى قد رأيت رؤيا هالتنى وفظعت بها، فأخبرونى به وبتأويلها. قالوا: اقصصها علينا نخبرك بتأويلها. قال: إنى إن أخبرتكم بها لم أطمئن إلى خبركم عن تأويلها، إنه لا يعرف تأويلها إلا من عرفها قبل أن أخبره بها.

فقال له رجل منهم: فإن كان الملك يريد هذا فليبعث إلى سطيح «٢» وشق «٣» ، فإنه


(١) ذكره ابن كثير فى تفسيره (٨/ ٣٩١) من طريق ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثنى محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه حدث أن رجلا.... وساق القصة.
(٢) اسم سطيح هو: ربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب بن عدى بن مازن غسان. وقال السهيلى فى الروض الأنف (١/ ٢٧) : كان سطيح جسما ملقى لا جوارح له، فيما يذكرون، ولا يقدر على الجلوس إلا إذا غضب انتفخ فجلس، وكان شعه شعّة إنسان، فيما يذكرون، إنما له يد واحدة ورجل واحدة وعين واحدة، ويذكر عن وهب بن منبه أنه قال: قيل لسطيح: أنى لك هذا العلم؟ فقال: لى صاحب من الجن استمع أخبار السماء من طور سيناء حين كلم الله تعالى موسى عليه السلام، فهو يؤدى إلىّ من ذلك ما يؤديه.
(٣) اسم شق هو ابن صعب، بن يشكر بن رهم بن أفرك بن قسر بن عبقر بن أنمار بن إراش، وأنمار أبو بجيلة وخثعم. قاله ابن إسحاق. انظر: السيرة (١/ ٣٠) وما بعدها.