للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تلك المكارم لا قعبان من لبن ... شيبا بماء فعادا بعد أبوالا

وأقام وهرز والفرس باليمن، فمن بقية ذلك الجيش من الفرس الأبناء الذين باليمن اليوم.

وكان ملك الحبشة باليمن منذ دخلها أرياط إلى أن أخرجتهم الفرس عنها اثنتين وسبعين سنة، وفق ما ذكره سطيح وشق فى تأويل رؤيا ربيعة بن نصر.

ثم مات وهرز، فأمر كسرى ابنه المرزبان بن وهرز على اليمن، ثم مات المرزبان فأمر كسرى ابنه التينجان بن المرزبان، ثم مات فأمر كسرى ابن التينجان، ثم عزله وولى باذان، فلم يزل عليها حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم «١» .

فلما بلغ مبعثه كسرى كتب إلى باذان: إنه بلغنى أن رجلا من قريش خرج بمكة يزعم أنه نبى، فسر إليه فاستتبه، فإن تاب وإلا فابعث إلى برأسه. فبعث باذان بكتاب كسرى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد وعدنى أن يقتل كسرى فى يوم كذا من شهر كذا.

فلما أتى باذان الكتاب توقف لينظر وقال: إن كان نبيا فسيكون ما قال. فقتل الله كسرى على يد ابنه شيرويه فى اليوم الذى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما بلغ ذلك باذان بعث بإسلام من معه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت الرسل من الفرس: إلى من نحن يا رسول الله، قال: «أنتم منا وإلينا أهل البيت» .

قال الزهرى: فمن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سلمان منا أهل البيت» «٢» .

وكأن هذه الأخبار وإن قطعت بعض ما كنا بسبيله من أمر بنى قصى فلها أيضا من الإفادة بنحو ما قصدناه وحسن الإمتاع بالشأن المناسب لما اعتمدناه ما يحسن اعتراضها وينظم فى سلك واحد مع ما مر من ذلك أو يأتى أغراضها.

وعلينا بمعونة الله فى تجويد الترتيب لذلك كله تطبيق المنفصل ورد هذه الأحاديث المتفرقة فى حكم الحديث المتصل، فنطيل ولا نمل، ونقصر فلا نخل كل ذلك ببركة


(١) انظر: السيرة (١/ ٧٤) .
(٢) انظر الحديث فى: المستدرك للحاكم (٣/ ٥٩٨) ، المعجم الكبير للطبرانى (٦/ ٢٦١) ، تفسير الطبرى (٢١/ ٨٥) ، البداية والنهاية لابن كثير (٢/ ١٨٠، ٤/ ٩٩) ، طبقات ابن سعد (٧/ ٦٥) ، كنز العمال للمتقى الهندى (٣٣٣٤٠) ، دلائل النبوة للبيهقى (٣/ ٤١٨) ، كشف الخفاء للعجلونى (١/ ٥٥٨) ، مجمع الزوائد للهيثمى (٦/ ١٣٠) .