للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٦ - متى توجد الجريمة السياسية: ولا توجد الجريمة السياسية في الظروف العادية، فكل جريمة وقعت في الأحوال العادية هي جريمة عادية مهما كان الغرض منها والدوافع إليها، فمن يقتل رئيس الدولة لغرض سياسي اعتبرت جريمة عادية، ولو كان القاتل نفسه من المشتغلين بالسياسة، ما دام أن القتل وقع في أحوال عادية، ولقد قتل عبد الرحمن بن ملجم علي بن أبي طالب خليفة المسلمين لتحقيق غرض سياسي، فاعتبر القتل عادياً بالرغم من أن القاتل من الخوارج (١) ، وهذا هو رأي عليّ نفسه، والرأي الذي أخذ به العلماء من بعده، والرأي الذي أخذ به العلماء من بعده، فإنه قال لولده الحسن: "أحسنوا إساره، فإن عشت فأنا وليّ دمي، وإن مت فضربة كضربتي"، ولو لم يكن القتل عادياً لما اعتبر نفسه ولى الدم إن شاء عفا وإن شاء اقتص، ولما طلب من الحسن أن يقتص بضربة كضربته (٢) .

وإنما توجد الجريمة السياسية في الظروف غير العادية، وعلى وجه التحديد في حالة الثورة، وفي حالة الحرب الأهلية، فإذا ثار فريق من الرعية على الدولة وإذا قامت حرب بين الدولة وبين بعض رعاياها الخارجين عليها، أمكن أن توجد الجريمة السياسية إذا توفرت شروط معينة في الثوار أو المحاربين، فإذا لم تتوفر هذه الشروط، أو توفرت ولكن لم توجد حالة الثورة أو الحرب، فالجرائم التي تقع لا يمكن أن تكون جرائم سياسية، وإنما هي جرائم عادية.

٧٧ - المجرمون السياسيون: تسمى الجريمة السياسية في اصطلاح الفقهاء "البغي"، ويسمى المجرمون السياسيون "البغاة" أو "الفئة الباغية".

والبغاة كما يعرفها الفقهاء: "هم القوم الذين يخرجون على الإمام (٣) بتأويل سائغ ولهم منعة وشوكة" (٤) ، أو: "هم فرقة من المسلمين خالفت الإمام


(١) الخوارج فئة كانت تناقض علياً ولا يراه صالحاً للخلافة.
(٢) الشرح الكبير ج١٠ ص٥٢.
(٣) رئيس الدولة أو حاكمها العام.
(٤) الشرح الكبير ج١٠ ص٤٩

<<  <  ج: ص:  >  >>