للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٨- رضاء المجنى عليه: وإذا كان المجنى عليه قد أذن بالفعل المؤدى للموت، فيرى أبو حنيفة مسئولية الجانى عن القتل شبه العمد؛ لأن الجانى أذن بالجرح ولم يأذن بالقتل فلما مات المجنى عليه تبين أن الفعل وقع قتلاً لا جرحًا ويخالفه أبو يوسف ومحمد فى هذا الرأى كما يخالفه الشافعى وأحمد ويرون أن لا مسئولية على الجانى. وقد تكلمنا عن هذا بتفصيل بمناسبة الكلام على القتل العمد (١) .

ولا عبرة بالبواعث التى دفعت الجانى لارتكاب الفعل، فسواء كانت هذه البواعث شريفة أو وضيعة فلا أثر لها على الجريمة ولا أثر لها على العقوبة؛ لأن العقوبة حد لا يجوز تخفيفها ولا إيقافها ولا العفو عنها.

* * *

[الركن الثالث: أن يكون بين الفعل والموت رابطة السببية]

١١٩ - يشترط أن يكون بين الفعل الذى ارتكبه الجانى وبين الموت رابطة السببية: أى: أن يكون الفعل علة مباشرة للموت أو أن يكون سببًا فى علة الموت، فإذا انعدمت رابطة السببية فلا يسأل الجانى عن موت المجنى عليه، وإنما يسأل باعتباره جارحًا أو ضاربًا.

١٢٠ - ويكفى أن يكون فعل الجانى هو السبب الأول فى إحداث الوفاة ولو تعاونت معه أسباب أخرى على إحداث الوفاة: كإهمال العلاج أو إساءة العلاج أو ضعف المجنى عليه أو مرضه أو غير ذلك. وقد تكلمنا على ذلك بما فيه الكفاية بمناسبة الكلام على القتل العمد، وما قلناه هناك ينطبق هنا مما


(١) راجع الفقرة ٩٣ من هذا الجزء.

<<  <  ج: ص:  >  >>