والعمال، مثل إصابات العمال والتعويضات التي يستحقها العامل إذا أصيب أو طرد من عمله، لأن التدخل بين صاحب العمل والعامل في كل شروط العمل مما يضر بسير العمل ولإنتاج، وبقيت من المشكلة نواح هامة كأجر العامل وساعات العمل ومدة الإجازات وغيرها، يحاول العمال من ناحيتهم حلها بتأليف النقابات والاتحادات وتنظيم الإضرابات، ويرى العمال أن حل مشاكلهم لن يتأتى إلا إذا كان لهم حق إملاء شروط عقد العمل، ويظاهرهم على ذلك بعض المفكرين والكتاب، فهذا الحق الذي يطالب به العمال في كل أنحاء العالم والذي أضرب العمال من أجله وهددوا السلم والنظام في دول كثيرة في سبيل تحقيقه، هذا الحق الذي حقق القانون الوضعي بعضه ولم يحقق بعضه الآخر والذي يأمل العمال أن يتحقق كله إن قريباً أو بعيداً، هذا الحق قررته الشريعة الإسلامية كاملاً للضعفاء على الأقوياء وللملتزمين على الملتزم لهم وجاء به القرآن في آية الدين:{وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} .
وظاهر أن صيغة النص بلغت من العموم والمرونة كل مبلغ. وهذا هو الذي جعل الشريعة تمتاز بأنها لا تقبل التغيير والتبديل.
ووجود هذا النص في الشريعة دليل بذاته على سموَّها وكمالها ورقيها وعدالتها، فقد جاءت به منذ أكثر من ثلاثة عشر قرناً، بينما القوانين الوضعية لم تصل إلى تقرير مثله حتى الآن مع ما يدعي لها من الرقي والسمو.
٣٦ - نظرية تحريم الامتناع عن تحمل الشهادات: حرمت الشريعة على الإنسان أن يدعى للشهادة فيمتنع عنها، أو أن يشهد واقعة فيكتمها، أو يذكرها على غير حقيقتها، وقد نص على الحالة الأولى في آيه الدين في قوله تعالى:{وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ} ، والمقصود إباؤهم حينما يدعون ليشهدوا تصرفاً ما