للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفاسقين المفسدين ولو تبين فسقهم، ويعاقب الصادقين المصلحين ولو ثبت صدقهم وصلاحهم، ثم هو بعد ذلك لا يسمح للبرآء الغافلين أن يبرئوا أنفسهم مما ادعاه عليهم الكاذبون، لأن عقاب القاذف دون أن يسمح له بإثبات قذفه يؤدى إلى منع المقذوف من إثبات براءته فيعاقب القاذف لمجرد القذف سواء كان صحيحًا أم كاذبًا، ويبقى المقذوف البرئ وقد لصقت به الفرية لا يستطيع منها فكاكًا ولا خلاصًا.

* * *

المبحث الثانى

دعوى القذف

٥٦٦ - يشترط فى إقامة دعوى القذف مخاصمة المقذوف، أى أن يتقدم المقذوف بشكواه، فإذا قدمت الشكوى من غيره لم يجزأن تقام الدعوى على أساس شكوى الغير؛ كذلك لو تقدم الشهود بشهادتهم حسبة لله لم تقبل منهم الشهادة لأن الشهادة لا تقبل قبل قيام الدعوى، والدعوى لا تقوم إلا بشكوى المقذوف.

ومن المسلم به بين الفقهاء أن القذف حد من حدود الله، والقاعدة العامة فى الشريعة أن خصومة المجنى عليه ليست شرطًا فى إقامة دعوى متعلقة بحد من الحدود، ولكنهم يستثنون من هذه القاعدة العامة حد القذف ويوجبون فى إقامة دعوى القذف خصومة المجنى عليه ناظرين إلى أن الجريمة وإن كانت حدًا إلا أنها تمس المقذوف مساسًا شديدًا وتتصل بسمعته وعرضه اتصالًا وثيقًا، ولأن للقاذف حق إثبات قذفه فلو أثبته أصبح المقذوف مسئولًا عن جريمة الزنا كلما رمى بهذه الجريمة ووجبت عليه عقوبتها، ولهذه النتائج الخطيرة كان من الحكمة أن يعلق رفع دعوى القذف على شكوى المقذوف.

٥٦٧ - من يملك الخصومة؟ يملك المقذوف وحده حق الخصومة فى دعوى القذف إن كان حيًا، فلا تقبل الخصومة من غيره مهما كانت صلته بالمقذوف ولو كان فى القذف مساس به، اللهم إلا إذا كان القذف يعتبر قذفًا

<<  <  ج: ص:  >  >>