٨٣ - أركان الجريمة: قلنا في تعريف الجريمة: إن الجرائم محظورات شرعية زجر الله عنها بحد أو بتعزير، وأن المحظورات هي: إما إتيان فعل منهي عنه، أو ترك فعل مأمور به، وقلنا: إن المحظورات وصفت بأنها شرعية؛ لأنها يجب أن تكون محظورة بنصوص الشريعة، وأن الفعل والترك لا يعتبر بذاته جريمة إلا إذا كان معاقباً عليه.
ولما كانت الأوامر والنواهي تكاليف شرعية فإنها لا توجه إلا لكل عاقل فاهم للتكليف، إذ التكليف خطاب، وخطاب من لا عقل له ولا فهم محال كالجماد والبهيمة، ومن استطاع أن يفهم أصل الخطاب ولا يفهم تفاصيله من كونه أمراً أو نهياً، ومقتضياً للثواب والعقاب، كالمجنون والصبي الذي لا يميز، فهو في عجزه عن فهم التفاصيل كالجماد والبهيمة في العجز عن فهم أصل الخطاب، ومن ثم يتعذر تكليفه؛ لأن المقصود من التكليف كما يتوقف على فهم أصل الخطاب فهو يتوقف أيضاً على فهم تفاصيله (١) . ويتبين مما سبق أن للجريمة بصفة عامة أركاناً لا بد من توافرها، وهذه الأركان ثلاثة:
(١) الإحكام في أصول الأحكام للآمدي ج١ ص٢١٥، المستصفي للغزالي ج١ ص٨٣.