للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرى عليه الحد لأن الإحصان لا يشترط إلا وقت القذف ولا يشترط بعده (١) .

وحجة الأئمة الثلاثة أن شروط الإحصان تعتبر إلى حالة إقامة الحد بدليل أنه لو أرتد أو جن لم يقم عليه الحد ولأن وجود الزنا منه يقوى قول القاذف ويدل على تقدم هذا الفعل منه.

أما أحمد فيرى أن الحد قد وجب وتم بشروطه فلا يسقط بزوال شروط الوجوب وأن القول باستدامة الشروط قول غير صحيح لأن هذه الشروط للوجوب فيعتبر وجودها إلى حين الوجوب فقط. أما إذا جن من وجب له الحد فإن الحد لا يسقط وإنما يتأخر استيفاؤه لتعذر المطالبة فأشبه ما لو غاب من له الحد، وإن ارتد من له الحد لم يملك المطالبة لأن حقوقه وأمواله تزول أو تكون موقوفة (٢) .

وإذا تخلف شرط من شروط الإحصان فى المقذوف فلا حد على القاذف وإنما عليه التعزير إذا عجز عن إثبات القذف، فمن قذف مجنونًا أو كافرًا أو رفيقًا فعليه التعزير.

* * *

الركن الثالث

القصد الجنائى

٥٦٤ - يعتبر القصد الجنائى متوفرًا كلما رمى القاذف المجنى عليه بالزنا أو نفى نسبه وهو يعلم أن ما رماه به غير صحيح. ويعتبر عالمًا بعدم صحة ما رماه به ما دام قد عجز عن إثبات صحته، ويعتبر العجز عن صحة القذف قرينة لا تقبل الدليل على علمه بعدم صحة القذف، فليس له أن يدعى أنه بنى اعتقاده على صحة القذف على أسباب مقبولة لأنه كان يجب عليه قبل أن يقذف المجنى عليه أن يكون الدليل المثبت للقذف حاضرًا فى يده، وهذا هو ما قاله الرسول - صلى الله عليه وسلم - لهلال بن أمية لما قذف امرأته بشريك بن سحماء: "ايت


(١) مواهب الجليل ج٦ ص ٣٠٠، المغنى ج١٠ ص ٢١٩، شرح فتح القدير ج٤ ص ٢٠٤ وما بعدها.
(٢) شرح فتح القدير ج٤ ص ١٩٩، بدائع الصنائع ج٧ ص ٢٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>