الصغير؛ لأن كل تأديب له يقصد منه تعليمه أكثر مما يقصد منه زجره.
٣٦١ - الفروق بين المذاهب: يختلف مذهب مالك والشافعي وأحمد عن مذهب أبي حنيفة في أنهم يعتبرون التأديب بصفة عامة حقاً لا واجباً. أما في مذهب أبي حنيفة فيعتبرون تأديب الصغار واجباً بصفة عامة، أو واجباً على الأقل في حالة ما إذا قصد به التعليم.
ويختلف مذهب الشافعي عن مذهبي مالك وأحمد في أن الشافعي يقيد استعمال الحق بشرط السلامة، أما مالك وأحمد فلا يقيدان الحق بشرط ما دام الفعل قد وقع في حدود الحق، ولذلك فمذهبهما في نتيجته يتفق مع مذهب أبي حنيفة في نتيجته ولو أن التأديب في المذهب الأخير واجب لا حق.
* * *
الفرع الثالث
التطبيب
٣٦٢ - إباحة التطبيب: من المتفق عليه في الشريعة أن تعلم فن الطب فرض من فروض الكفاية، وأنه واجب حتماً على كل شخص لا يسقط عنه إلا إذا قام به غيره، وقد اعتبر تعلم الطب فرضاً لحاجة الجماعة للتطبيب، ولأنه ضرورة اجتماعية، وإذا كان الغرض من تعلم الطب هي التطبيب وكان تعلم الطب واجباً فيترتب على هذا أن يكون التطبيب واجباً على الطبيب لا مفر له من أدائه، على أن التطبيب يعتبر واجباً كفائياً كلما أكثر من طبيب في بلدة واحدة، فإذا لم يوجد إلا واحد فالتطبيب فرض عين عليه؛ أي أنه واجب غير قابل للسقوط.
والنتيجة البديهية لاعتبار التطبيب واجباً أن لا يكون الطبيب مسئولاً عما يؤدي إليه عمله قياماً بواجب التطبيب؛ لأن القاعدة أن الواجب لا يقيد بشرط السلامة، لكن لما كانت طريقة أداء هذا الواجب متروكة لاختيار الطبيب وحده ولاجتهاده العلمي والعملي، فقد دعا ذلك إلى البحث فيما إذا كان يسأل جنائياً عن نتائج عمله إذا أدى إلى نتائج ضارة بالمريض باعتبار أنه حين يؤدي واجب