٥١٢ - من له حق الاستيفاء: الأصل في الشريعة أن الجرائم تنقسم من حيث استيفاء عقوباتها إلى ثلاثة أقسام: جرائم الحدود، وجرائم القصاص والدية، وجرائم التعازير، وأن من نسب إليه أية جريمة من هذه الأنواع حوكم عليها، فإن ثبت عليه أنه أتاها حكم عليه بالعقوبة المقررة لها، وإن لم يثبت عليه إتيانها حكم ببراءته مما نسب إليه، فإذا حكم عليه بالعقوبة استوفاها ولي الأمر إن كانت الجريمة من جرائم الحدود أو التعازير، أما إن كانت من جرائم القصاص فيجوز للمجني عليه أو وليه استيفاء عقوبة القصاص إذا توفرت شروط معينة. وفيما يلي تفصيل ذلك كله.
٥١٣ - الاستيفاء في جرائم الحدود: من المتفق عليه بين الفقهاء أنه لا يجوز أن يقيم الحد - أي العقوبات المقررة لجرائم الحدود - إلا الإمام أو نائبه؛ لأن الحد حق الله تعالى ومشروع لصالح الجماعة فوجب تفويضه إلى نائب الجماعة وهو الإمام، ولأن الحد يفتقر إلى الاجتهاد ولا يؤمن في استيفائه من الحيف والزيادة على الواجب، فوجب تركه لولي الأمر يقيمه إن شاء بنفسه أو بواسطة نائبه.
وحضور الإمام ليس شرطاً في إقامة الحد؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ير حضوره لازماً فقال:"اغدُ يا أُنَيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها"، وأمر عليه السلام برجم ماعز ولم يحضر الرجم، وأُتي بسارق فقال:"اذهبوا به فاقطعوه"(١) .