استثناء أن يمارس هذا الحق كلما اقتضت المصلحة العامة، وهذه هي نفس النظرية الإسلامية.
وعلى أثر انتهاء الحرب الأخيرة في سنة ١٩٤٥ حاكمت الدول المنتصرة زعماء الدول المغلوبة وقوادها وحكامها، وحكمت عليهم بعقوبات تتراوح بين الإعدام والأشغال الشاقة والسجن، وكان موضوع المحاكمة أفعالاً لم تكن تعتبر جرائم، لا في قوانين البلاد المنتصرة أو المنهزمة، ولا في القانون الدولي، ولم يكن يعاقب عليها من قبل، وهذه المحاكمة التاريخية تطبيق واسع لنظرية رجعية القوانين لم يسبق له مثيل.
أما عن تطبيق التشريع الأصلح للمتهم على ما سبقه من الجرائم فهي قاعدة معترف بها في كل القوانين الوضعية تقريباً وإن كانت القوانين لم تعرف هذه القاعدة إلا في القرن الماضي.
وهكذا نستطيع أن نقول بعد هذه المقارنة: إن القوانين الوضعية بدأت من القرن الماضي تأخذ بنظرية الشريعة الإسلامية في الأثر الرجعي الجنائي، وإن ما نعتبره اليوم أحدث الآراء والنظريات في القوانين الوضعية ليس إلا تطبيقاً دقيقاً للنظرية التي جاءت بها الشريعة الإسلامية من ثلاثة عشر قرناً.
* * *
الفصل الثالث
سريان النصوص الجنائية على المكان
٢٠٩ - هل الشريعة عالمية أم إقليمية: الأصل في الشريعة الإسلامية أنها شريعة عالمية لا مكانية، جاءت للعالم كله لا لجزء منه، وللناس جميعاً لا لبعضهم، فهي شريعة الكافة لا يختص بها قوم دون قوم، ولا جنس دون جنس،