للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا قارة دون قارة، وهي شريعة العالم كله، يخاطب بها المسلم وغير المسلم، وساكن البلاد الإسلامية، وساكن البلاد غير الإسلامية.

ولكن لما كان الناس جميعاً لا يؤمنون بها، ولا يمكن فرضها عليهم فرضاً، فقد قضت ظروف الإمكان أن لا تطبق الشريعة إلا على البلاد التي يدخلها سلطان المسلمين دون غيرها من البلاد، وهكذا أصبح تطبيق الشريعة الإسلامية مرتبطاً بسلطان المسلمين وقوتهم؛ فكلما اتسعت الأقاليم التي يتسلط عليها المسلمون اتسع نطاق تطبيق الشريعة، وكلما انكمش سلطانهم انكمشت الحدود التي تطبق فيها الشريعة، فالظروف والضرورة هي التي جعلت من الشريعة الإسلامية شريعة إقليمية وإن كانت الشريعة في أساسها شريعة عالمية. ولهذا نستطيع أن نقول: إن الشريعة الإسلامية في أساسها شريعة عالمية إذا نظرنا إليها من الوجهة العلمية، ولكنها في تطبيقها شريعة إقليمية إذا نظرنا إليها من الوجهة العلمية.

٢١٠ - تقسيم العالم: وقد نظر الفقهاء إلى هذا الاعتبار حين قسموا العالم كله إلى قسمين لا ثالث لهما: الأول يشمل كل البلاد الإسلام، ويسمى دار الإسلام، والثاني يشمل كل البلاد الأخرى، ويسمى دار الحرب؛ لأن القسم الأول يجب فيه تطبيق الشريعة الإسلامية، أما القسم الثاني فلا يجب فيه تطبيقها لعدم إمكان هذا التطبيق.

٢١١ - دار الإسلام: تشمل دار الإسلام البلاد التي تظهر فيها أحكام الإسلام (١) ، أو يستطيع سكانها المسلمون أن يظهروا فيها أحكام الإسلام (٢) ، فيدخل في دار الإسلام كل بلد سكانه كلهم أو أغلبهم مسلمون، وكل بلد يتسلط عليه المسلمون ويحكمونه ولو كانت غالبية السكان من غير المسلمين، ويدخل في دار الإسلام كل بلد يحكمه ويتسلط عليه غير المسلمين ما دام فيه سكان مسلمون


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص١٣٠.
(٢) أسنى المطالب ج٤ ص٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>