ومن المسلم به أن الصيام لا يجوز إلا في حق المسلم، أما غير المسلم فلا يطلب منه التكفير بالصيام؛ لأن الصوم عبادة لا يلزم بها غير المسلم.
* * *
الفصل الرابع
عقوبات التعازير
٤٧٧ - ماهية التعازير: التعزير هو تأديب على ذنوب لم تشرع فيها الحدود، أي: هو عقوبة على جرائم لم تضع الشريعة لأيها عقوبة مقدرة.
والتعازير هي مجموعة من العقوبات غير المقدرة، تبدأ بأتفه العقوبات كالنصح والإنذار، وتنتهي بأشد العقوبات كالحبس والجلد، بل قد تصل للقتل في الجرائم الخطيرة، ويترك للقاضي أن يختار من بينها العقوبة الملائمة للجريمة ولحال المجرم ونفسيته وسوابقه.
ويعاقب بالتعزير على كل الجرائم فيما عدا جرائم الحدود وجرائم القصاص والدية فلها عقوباتها الخاصة، ولا يعاقب عليها باعتبار التعزير عقوبة أصلية وإنما باعتباره عقوبة بدلية تجب عند امتناع العقوبة الأصلية كعدم توفر شروط الحد، أو باعتباره عقوبة إضافة تضاف إلى العقوبة الأصلية كالتغريب في الزنا عند أبي حنيفة، وكإضافة التعزير للقصاص في الجراح عند مالك، وكإضافة أربعين جلدة على حد الخمر عند الشافعي.
وقد جرى التشريع الجنائي الإسلامي على أن لا يفرض لكل جريمة من جرائم التعزير عقوبة معينة كما تفعل القوانين الوضعية؛ لأن تقييد القاضي بعقوبة معينة يمنع العقوبة أن تؤدي وظيفتها، ويجعل العقوبة غير عادلة في كثير من الأحوال؛ لأن ظروف الجرائم والمجرمين تختلف اختلافاً بيناً، وما قد يصلح مجرماً بعينه قد يفسد مجرماً آخر، وما يردع شخصاً عن جريمة قد لا يردع غيره.