عليه في مكان خاص مدة غير محددة بشرط أن لا يحبس أكثر من مدة معينة، وهذه العقوبة تطبيق لنظرية العقوبة غير المحددة، وهي من أحدث نظريات العقاب في القوانين الوضعية.
وإذا كانت القوانين الوضعية لم تعرف نظرية العقوبة غير المحدودة إلا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، فإن الشريعة الإسلامية قد عرفت هذه النظرية وطبقتها من ثلاثة عشر قرناً، وتلكم عقوبة النفي على ذلك من الشاهدين. فمن كان يظن أن القوانين الوضعية حين أخذت بهذه النظرية قد جاءت بشيء جديد فليعلم أنها لم تجئ إلا بأقدم النظريات في الشريعة الإسلامية، ومن كان يظن أن عقوبات الشريعة ونظرياتها لا تصلح للعصر الحديث فلعله أن يستبين مما تقدم ومما سيجيء أن عقوبات الشريعة ونظرياتها هي ألزم الأشياء لهذا العصر الحديث.
* * *
المبحث السادس
عقوبة الردة والبغي
٤٦٨ - عقوبة الردة: للردة عقوبتان: عقوبة أصلية وهي القتل، وعقوبة تبعية وهي المصادرة.
أ - القتل: تعاقب الشريعة المرتد بالقتل، والأصل في ذلك قوله تعالى:{وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[البقرة: ٢١٧] ، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من بدل دينه فاقتلوه".
ومعني الردة: ترك الدين الإسلامي والخروج عليه بعد اعتناقه، فلا تكون الردة إلا من مسلم.
وتعاقب الشريعة على الردة بالقتل؛ لأنها تقع ضد الدين الإسلامي وعليه