١١ - طريقة التأليف: وسيرى القارئ أني نظمت الكتاب وبوبته على غرار كتب القانون، وقد تعمدت هذا لأقرِّب البحث من قلوب رجال القانون وعقولهم، وحتى لا يشعروا أنه غريب عليهم أو على غير مألوفهم؛ فيقدموا على قراءته متشوقين، ويسهل عليهم أن يبحثوا عما يشاءون لأنهم سيجدونه في المحل الذي ألفوا أن يجدوه فيه.
وقد شجعني على اختيار هذه الطريقة أن الفقهاء لا يفصلون بين القسم العام والقسم الخاص كما يفعل اليوم شراح القانون، بل هم يتكلمون عن القواعد العامة بمناسبة الكلام على الجرائم الخاصة كلما اقتضى الأمر بحث قاعدة أو كلام عليها، فإذا ما فصلت القسم العام عن القسم الخاص وأظهرت أحكام كلِّ على حدة، فإنما فعلت ذلك لتسهيل البحث ونزولاً على حكم التطور في التأليف والترتيب، وقد اقتضاني هذا أن أدرس الحدود والقصاص والتعازير، أو بتعبير آخر: كل ما كتب عن الجرائم، لاستخراج من هذا كله القواعد العامة، ثم نظمتها بعد جمعها على الوجه الذي سيره القراء.
١٢ - كيف وصمت الشريعة بعدم الصلاحية؟ وقد تبين لي - كما سيتبين للقارئ - من دراسة الشريعة أن القائلين بأن الشريعة لا تصلح للعصر الحاضر لا يبنون رأيهم على دراسة علمية أو حجج منطقية، لأن الدراسة العلمية والمنطق يقتضيان القول بتفوق الشريعة الإسلامية على القوانين الوضعية، وبصلاحية الشريعة لهذا العصر ولما سيتلوه من عصور.
وفوق هذا؛ فالقائلون بعدم صلاحية الشريعة للعصر الحاضر فريقان: فريق لم يدرس الشريعة ولا القانون، وفريق درس القانون دون الشريعة. وكلا الفريقين ليس أهلاً للحكم على الشريعة لأنه يجهل أحكامها جهلاً مطبقاً، ومن جهل شيئاً لا يصلح للحكم عليه.
والواقع أن هؤلاء الجاهلين بالشريعة يبنون عقيدتهم الخاطئة في عدم