أو واقعة معينة، فالنص جاء خاصاً بتحمل الشهادة وليس خاصاً بأدائها. أما الحالتان الثانية والثالثة فقد نص عليهما في قوله تعالى:{وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}[البقرة: ٢٨٣] ، وفي قوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}[النساء: ١٣٥] ، والنصان الأخيران خاصان بتحريم كتمان الشهادة أو الامتناع عن أدائها بتحريم شهادة الزور.
والقوانين الوضعية اليوم تأخذ بنظرية الشريعة في تحريم شهادات الزور أو كتمان الشهادة، ولكنها لم تصل بعد إلى تحريم الامتناع عن تحمل الشهادة. ولا شك أن الشريعة تتفوق على القوانين الوضعية من هذه الوجهة، فإن المصلحة العامة تقضي بالتعاون على حفظ الحقوق وبتسهيل المعاملات بين الناس، والامتناع عن تحمل الشهادة يقضي إلى تضييع الحقوق، ويؤدي إلى تعقيد المعاملات وبطئها، وهناك عقود لابد فيها من حضور الشهود كعقد الزواج.
فإذا كان الامتناع عن تحمل الشهادات مباحاً تعطلت هذه العقود.
ومن ير النصوص التي جاءت في تحريم الامتناع عن تحمل الشهادة أو في تحريم كتمانها أو تغييرها يعلم مدى ما بلغته هذه النصوص من العموم والمرونة، ويفهم العلة في أن الشريعة لا تقبل التعديل والتبديل.
ومن يقارن الشريعة الإسلامية بالقوانين الوضعية يعلم مدى ما وصلت إليه الشريعة من السمو والكمال، ويتبين أن نصوص الشريعة لم ترد مسايرة لحال الجماعة وإنما وردت لتكمل الشريعة بما تحتاج إليه الشريعة الكاملة الدائمة، ولترفع مستوى الجماعة حتى تقترب من مستوى الشريعة الكامل.
٣٧ - أحكام أخرى في آية الدين: هذه أربع نظريات جاءت بها آية واحدة من القرآن هي آيه الدين؛ أخذت القوانين الوضعية الحديثة باثنتين منها وبدأت