٦٦٢- يشترط لوجود جريمة البغى الخروج على الإمام, والخروج المقصود هو مخالفة الإمام والعمل لخلعة, أو الامتناع عما وجب على الخارجين من حقوق. ويستوى أن تكون هذه الحقوق لله أى مقررة لمصلحة الجماعة, أو للأشخاص أى مقررة لمصلحة الأفراد. فيدخل تحتها كل حق تفرضه الشريعة للحاكم والمحكوم, وكل حق للجماعة على الأفراد, وكل حق للقرد على الفرد, فمن امتنع عن أداء الزكاة فقد امتنع عن حق وجب عليه, ومن امتنع عن تنفيذ حكم متعلق بحق الله كحد الزنا, أو متعلق بحق الأفراد كالقصاص, فقد امتنع عن حق وجب عليه, ومن امتنع عن طاعة الإمام فقد امتنع عن الحق الذى وجب عليه, وهكذا.
ولكن من المتفق عليه أن الامتناع عن الطاعة فى معصية ليس بغياَ وإنما هو واجب على كل مسلم لأن الطاعة لم تفرض إلا فى معروف ولا تجوز فى معصية, فإذا أمر الإمام بما يخالف الشريعة فليس لأحد أن يطيعه فيما أمر إذ الطاعة لا تجب إلا فيما تجيزه الشريعة (١) .
والخروج قد يكون على الإمام وهو رئيس الدولة الأعلى وقد تكون على من ينوب عنه, فمن امتنع عن طاعة الإمام فى معصية فليس باغيًا لأن حق الأمر واجب الطاعة وكلاهما مقيد غير مطلق, فليس لآمر أن يأمر بما يخالف الشريعة وليس لمأمور أن يطيعه فيما يخالف الشريعة. وذلك ظاهر من قوله تعالى:{فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِى شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ}[النساء:٥٩] , ومن قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق", وقوله: "من أمركم من