٩٣ - أثر القاعدة في جرائم التعازير: طبقت الشريعة قاعدة أن لا جريمة ولا عقوبة بلا نص في جرائم التعازير أيضاً، وكان من المنطقي أن تطبقها؛ لأن القاعدة من القاعد الأساسية في الشريعة فلا يمكن إهمالها، ولكن الشريعة لم تطبق القاعدة على الوجه الذي طبقتها به على جرائم الحدود، أو جرائم القصاص والدية، ولم تتقيد بالحدود الضيقة التي قيدت بها تطبيق القاعدة في هذه الجرائم، وإنما توسعت الشريعة في تطبيق القاعدة على جرائم التعازير إلى حد ما؛ لأن المصلحة العامة وطبيعة التعزير تقتضي هذا التوسع الذي جاء على حساب العقوبة في أغلب الأحوال، وعلى حساب الجريمة في القليل النادر.
وقد جاء هذا التوسع على حساب العقوبة؛ لأنه لا يشترط في جرائم التعازير أن يكون لكل جريمة عقوبة معينة محددة يتقيد بها القاضي كما هو الحال في جرائم الحدود أو جرائم القصاص والدية، فللقاضي أن يختار لكل جريمة ولكل مجرم العقوبة الملائمة من مجموعة من العقوبات شرعت لعقاب الجرائم التعزيرية كلها، وللقاضي أن يخفف العقوبة وأن يغلظها.
وجاء التوسع على حساب الجريمة؛ لأنه يجوز في بعض الجرائم التي تمتاز بصفات معينة أن لا ينص على الجريمة بحيث يعينها النص تعييناً كافياً، بل يكفي أن ينص عليها بوجه عام.
٩٤ - ما هو التعزير؟: ولأجل أن نتبين أثر القاعدة تماماً في جرائم التعازير يجب أن نعرف قبل كل شئ ما هو التعزير.