والعمد وإن كان يختلف عن الخطأ فى ماهية الفعل وعقوبته إلا أنهما يتفقان فى كثير من الأحكام، ومن ثم جرى الفقهاء على الجمع بينهما عند شرح أحكامهما فيتكلمون عنهما دفعة واحدة. وإذا كان شراح القوانين يفرقون بين جرائم العمد والخطأ على أساس نوع الجريمة، ويتكلمون عن كل على حدة فإن فقهاء الشريعة يجعلون أساس الفرق هو محل الجريمة هل هو النفس أو ما دونها؛ لأن ما يقع على النفس يتحد فى كثير من أحكامه على اختلاف أنواعه كما بينا فيما سبق، والجرائم التى تقع على ما دون النفس تتحد فى كثير من أحكامها كما سنبين فيما بعد. ثم يفرقون بعد ذلك على أساس نوع الجريمة بين مختلف الجرائم التى تقع على ما دون النفس.
٢٦١- ويقسم الفقهاء الجناية على ما دون النفس سواء كانت الجناية عمدًا أو خطأ خمسة أقسام، ناظرين فى هذا التقسيم إلى نتيجة فعل الجاني؛ لأن الجانى فى الجناية على ما دون النفس يؤخذ بنتيجة فعله ولو لم يقصد هذه النتيجة بغض النظر عما إذا كانت الجناية عمدًا أو خطأ، وهذه الأقسام هى: أولاً: إبانة الأطراف أو ما يجرى مجرى الأطراف، ثانيًا: إذهاب معانى الأطراف مع بقاء أعيانها، ثالثًا: الشجاج، رابعًا: الجراح، خامسًا: ما لا يدخل تحت الأقسام الأربعة السابقة.
٢٦٢- القسم الأول: إبانة الأطراف وما يجرى مجراها: ويقصد من إبانة الأطراف قطعها وقطع ما يجرى مجراها، ويدخل تحت هذا القسم: قطع اليد والرجل والإصبع والظفر والأنف والذكر والأنثيين والأذن والشفة وفقء العين وقطع الأشفار والأجفان وقلع الأسنان وكسرها وحلق أو نتف شعر الرأس واللحية والحاجبين والشارب.
٢٦٣- القسم الثانى: إذهاب معانى الأطراف مع بقاء أعيانها: ويقصد من ذلك تفويت منفعة العضو مع بقائه قائمًا فإذا ذهب العضو ذاته فالفعل من القسم الأول، ويدخل تحت هذا القسم: تفويت السمع والبصر والشم