للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدث بفعل مأذون فيه، ولا يعتبر جريمة فما تولد منه لا يعتبر جريمة، فإن ما تولد من المباح مباح. وحجة أبى حنيفة أن الفعل المأذون له فيه هو القطع وهو حقه، ولكنه استوفى أكثر من حقه وجاء بالقتل ففيه مسئولية (١) .

١١٣ - ويشترط أن يكون الفعل الذى أتاه الجانى محرمًا عليه: فإن كان حقه أو من واجبه أن يأتى الفعل فأدى الفعل للموت فالمسئولية تختلف بحسب حدود الحق وباختلاف أصحاب الحق، كما تختلف بحسب اختلاف الشخص المحمل بالواجب، وسنفصل ذلك فيما يأتى فى:

حق التأديب، حق التطيب، الألعاب الرياضية، حق القصاص، التعزير، قطع السارق، الجلد فى حد.

* * *

[الركن الثانى: أن يتعمد الجانى الفعل]

١١٤ - يشترط أن تعمد الجانى إحداث الفعل المؤدى للوفاة دون أن يتعمد قتل المجنى عليه: وهذا هو المميز الوحيد بين جريمتى القتل العمد وشبه العمد، ففى الأول يتعمد الجانى إصابة المجنى عليه وفى الوقت ذاته يقصد من الإصابة قتله، وفى الثانى يتعمد إصابة المجنى عليه ولا يتعمد قتله، فالفاصل بين الجريمتين أصلاً هو قصد الجانى، فإن قصد القتل فالفعل قتل عمد وإن قصد مجرد العدوان ولم يقصد القتل فالفعل شبه عمد، ويستدل على نية الجانى قبل كل شىء بالآلة أو الوسيلة التى يستعملها فى القتل، فإن كانت الآلة تقتل غالبًا فالفعل قتل عمد ما لم يثبت الجانى أنه لم يقصد القتل، وإن كانت الآلة لا تقتل غالبًا فالفعل قتل شبه عمد ولو توجه قصد الجانى فعلاً للقتل؛ لأن القتل لا يكون إلا بالآلة الصالحة لإحداثه، فإن لم تكن الآلة صالحة لإحداثه كانت نية القتل


(١) بدائع الصنائع ج٩ ص٣٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>