الشريعة لا تبيح عصمة المحل، أي أن رفع العقوبة عن السكران بسبب عدم الإدراك لا يمنع من مسئوليته مدنياً عن تعويض الأضرار التي سببها للغير؛ لأن عدم الإدراك إذا صلح سبباً لرفع العقوبة فإنه لا يصلح سبباً لإهدار الدماء والأموال.
٤١٠ - الشريعة والقوانين: تتفق آراء شرح القوانين مع ما يراه الفقهاء في الشريعة، وينقسمون أيضاً قسمين: أقلية ترى ما يراه أصحاب الرأي المرجوح في الشريعة من أن السكران لا يعاقب في أي حال على ما يرتكبه من الجرائم، وأغلبية ترى ما يراه أصحاب الرأي الراجح في الشريعة من رفع العقاب عن السكران إذا تناول المسكر مكرهاً أو غير عالم بأنه مسكر ثم ارتكب الجريمة أثناء سكره، فإن تناول المسكر مختاراً فإنه يعاقب على أية جريمة يرتكبها أثناء سكره.
ويتفق نص القانون المصري تمام الاتفاق مع الرأي الراجح في الشريعة الإسلامية، فهو لا يعاقب من ارتكب الفعل وهو فاقد الشعور لغيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أياً كان نوعها إذا أخذها قهراً أو على غير علم منه بها.
* * *
الفرع الثالث
الجنون
٤١١ - تمهيد: تعتبر الشريعة الإنسان مكلفاً أي مسئول مسئولية جنائية إذا كان مدركاً مختاراً، فإذا انعدم أحد هذين العنصرين ارتفع التكليف عن الإنسان، ومعنى الإدراك في المكلف أن يكون متمتعاً بقواه العقلية، فإن فقد عقله لعاهة أو أمر عارض أو جنون فهو فاقد الإدراك.
والمرء قد يولد فاقداً لقواه العقلية وقد يولد متمتعاً بهذه القوى، وقد تنمو قواه العقلية مسايرة إلى نمو جسمه، وقد يعترضها ما يوقف نموها من مرض أو