عاهة فينمو الجسم إلى آخر أطوار نموه وتظل القوى العقلية باقية في أطوارها الأولى، وقد يبلغ الإنسان رشيداً متمتعاً بقواه العقلية ولكن يطرأ عليه مرض يذهب بقواه العقلية كلها أو بعضها، ففقدان القوى العقلية ليس له وقت ولا أوان.
وفقدان القوى العقلية قد يكون تاماً ومستمراً ويسمونه جنوناً مطبقاً. وقد يكون تاماً وغير مستمر ويسمونه جنوناً متقطعاً. وقد يكون جزئياً فيفقد الإنسان قدرة الإدراك في موضوع بعينه، ولكنه يظل متمتعاً بالإدراك فيما عداه، وهذا ما يسمونه بالجنون الجزئي. وقد لا تفقد القوى العقلية تماماً، ولكنها تضعف ضعفاً غير عادي، فلا ينعدم الإدراك كلية، ولا يصل في قوته إلى درجة الإدراك العادي للأشخاص الراشدين، وهذا ما يسمونه بالعته أو البله.
وهناك مظاهر أخرى لفقدان القوى العقلية اصطلح على تسميتها بأسماء معينة، ولكنها جميعاً تقوم على أساس واحد هو انعدام الإدراك في الإنسان، وحكم هذه الحالات جميعاً واحد على تعدد مظاهرها واختلاف مسمياتها، وهو أن المسئولية الجنائية تنعدم كلما انعدم الإدراك فإذا لم ينعدم فالمسئولية قائمة.
٤١٢ - تعريف الجنون: ونستطيع بعد ما سبق أن نعرف الجنون: بأنه زوال العقل أو اختلافه أو ضعفه، وهو تعريف يشمل الجنون والعته وغير ذلك من الحالات المرضية والنفسية التي تؤدي إلى إنعدام الإدراك، وسنبين فيما يلي حالات الجنون وما يلحق بها.
٤١٣ - الجنون المطبق: الجنون المطبق الذي لا يعقل صاحبه شيئاً أو هو الجنون الكلي المستمر، ويستوي أن يكون عارضاً للإنسان أو أن يكون مصاحباً له من يوم ولادته، ويسمى بالجنون المطبق إما لأنه يستوعب كل أوقات المجنون، وإما لكونه مجنوناً كلياً لا يفقه صاحبه شيئاً، ويعبر بعض الفقهاء عن المجنون جنوناً مطبقاً بالمجنون المغلوب، ولكن يرى البعض أن المجنون المغلوب هو من كان جنونه مستمراً سوء كان جنونه كلياً بحيث