للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذنوب لم تشرع فيها الحدود (١) ، أي هو عقوبة على جرائم لم تضع الشريعة لها عقوبات معينة محددة، فهو يتفق مع الحدود (٢) من وجه وهو أنه تأديب استصلاح وزجر يختلف بحسب اختلاف الذنب، ولكنه يختلف عنها من وجهين (٣) :

أولهما: أن لكل حد عقوبة معينة أو عقوبات لا محيص من توقيعها على الجاني، أما في التعزير فهناك مجموعة من العقوبات تبدأ من النصح وتنتهي بالجلد والحبس، وقد تصل للقتل في الجرائم الخطيرة، ويترك للقاضي أن يختار من بين هذه المجموعة العقوبة الملائمة للجريمة لحال المجرم ونفسيته وسوابقه، وللقاضي أن يوقع أكثر من عقوبة، وله أن يخفف العقوبة أو يشددها وله أن يوقف التنفيذ إن رأى في ذلك ما يكفي لردع الجاني وتأديبه.

ثانيهما: أن عقوبة الحد لا يجوز لولي الأمر فيها العفو، أما عقوبات التعزير فلولي الأمر العفو عنها كلها أو بعضها.

٩٥ - الشريعة لم تنص على كل جرائم التعازير: لم تنص الشريعة على كل جرائم التعازير، ولم تحددها بشكل لا يقبل الزيادة والنقصان، كما فعلت في جرائم الحدود وجرائم القصاص والدية، وإنما نصت على ما تراه من هذه الجرائم ضاراً بصفة دائمة بمصلحة الأفراد والجماعة والنظام العام، وتركت لأولي الأمر في الأمة أن يحرموا ما يرون بحسب الظروف أنه ضار بصالح الجماعة أو أمنها أو نظامها، وأن يضعوا قواعد لتنظيم الجماعة وتوجيهها، ويعاقبوا على مخالفتها. والقسم الذي ترك لأولي الأمر من جرائم التعازير أكبر من القسم الذي نصت عليه الشريعة وحددته، ولكن الشريعة لم تترك لأولي الأمر حرية مطلقة فيما يحلون أو يحرمون بل أوجبت أن يكون ذلك متفقاً


(١) الأحكام السلطانية ص٢٠٥، بدائع الصنائع ج٧ ص٦٣، أسنى المطالب ج٤ ص١٦١.
(٢) المقصود بالحدود: العقوبات المقدرة وهي المقررة لجرائم الحدود وجرائم القصاص والدية.
(٣) الأحكام السلطانية ص٢٠٦، ٢٠٧

<<  <  ج: ص:  >  >>