للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يظهرون أحكام الإسلام، أو لا يوجد لديهم ما يمنعهم من إظهار أحكام الإسلام.

وسكان دار الإسلام نوعان: مسلمون، وهم كل من آمن بالدين الإسلامي. وذميون، هم غير المسلمين الذين يلتزمون أحكام الإسلام، ويقيمون إقامة دائمة في دار الإسلام، بغض النظر عن معتقداتهم الدينية. فيصح أن يكونوا مسيحيين ويصح أن يكونوا يهوداً، ويصح أن يكون مجوساً، أو صابئة، أو عباد ما أستحسن، أو مما لا يدينون بدين.

وسكان دار الإسلام جميعاً مسلمين وذميين معصومو الدم والمال؛ لأن العصمة (١) في الشريعة تكون بأحد شيئين: بالإيمان، والأمان. ومعنى الإيمان الإسلام، ومعنى الأمان العهد، ويكون بعقد الذمة، وبالموادعة، وبالهدنة، وما أشبه. فمن آمن برسالة محمد - أي أسلم - فقد عصم دمه وماله بالإسلام، لقوله عليه السلام: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها"، ومن دخل في أمان المسلمين بعقد من عقود الأمان فقد عصم دمه وماله بالأمان، ولو بقى على غير دين الإسلام، فسكان دار الإسلام من المسلمين معصومو الدم والمال بإسلامهم، وسكان دار الإسلام من الذميين معصومو الدم والمال بأمانهم (٢) .

والأمان في الشريعة الإسلامية على نوعين (٣) : أمان مؤقت، وأمان مؤبد. فالأمان المؤقت ما كان محدوداً بأجل كالمهادنة، وكالإذن بدخول دار الإسلام لأجل معين. والأمان المؤبد هو ما ليس له أجل ينتهي به، ولا يكون إلا بعقد الذمة، ولا يتمتع به إلا الذميزن الذين يقيمون إقامة دائمة بأرض الإسلام،


(١) العصمة معناها: عدم اإباحة، فمن كان معصوم الدم والمال فهو غير مباح الدم والمال.
(٢) بدائع الصنائع ج٧ ص١٠٢، مواهب الجليل ج٦ ص٢٣١، أسنى المطالب ج٤ ص٢١٨، الشرح الكبير ج١٠ ص٦٣٠.
(٣) بدائع الصنائع ج٧ ص١٠٦، أسنى المطالب ج٤ ص٢١٠، مواهب الجليل ج٣ ص٣٦٠- ٣٦٤، ٣٨٠ وما بعدها، المغني ج١٠ ص٥٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>