بأربعة يشهدون على صدق مقالتك وإلا فحد فى ظهرك" مع أن هلال شهد واقعة الزنا بنفسه ولم يخلصه من الحد إلا نزول حكم اللعان، وهذا هو ما يدل عليه نص القرآن الصريح فى قوله تعالى:{لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعةِ شُهدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُلْئِكَ عِندَ الله هُمُ الْكَاذِبُونَ}[النور: ١٣] .
ولعل هذا هو الذى جعل جمهور الفقهاء يقولون بحد شهود الزنا باعتبارهم قذفة إذا كانوا أقل من أربعة، وإذا كان البعض لا يرى حدهم فإنه لا يرى حدهم إذا جاءوا مجئ الشهود أى إذا تقدموا للشهادة حسبة لله دون دافع شخصى، فأما إن جاءوا مجئ القذفة فلا خلاف فى حدهم.
ولا يشترط بعدما تقدم أن يقصد القاذف الإضرار بالمجنى عليه، ولا عبرة بالبواعث التى حملته على القذف.
هل تشترط العلانية فى القذف؟
٥٦٥ - لا تشترط الشريعة الإسلامية العلانية فى القذف كما تشترطها القوانين الوضعية، ومن ثم تعاقب الشريعة القاذف سواء قذف المجنى عليه فى محل عام أو محل خاص على مشهد من الناس أو فيما بينهما فقط.
وأساس عدم اهتمام الشريعة بالعلانية أنها تزن كرامة الإنسان بميزان واحد وترى أن قيمة الإنسان لا تتغير بتغير الظروف، فقيمته أمام نفسه تساوى قيمته أمام الناس، وحرصه على كرامته فى السر يجب أن لا يقل عن حرصه على كرامته فى العلانية، والشريعة توجب على المرء أن يكون سره كعلنه وتعيب أناسًا بأنهم يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم، وقاعدتها الأساسية تحريم الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغى بغير الحق، وتدعو الناس أن يذروا ظاهر الإثم وباطنه ولهذا فهى لا تميز بين جريمة ارتكبت فى السر وأخرى فى العلانية لأن الجريمة فى الشريعة محرمة لذاتها لا لظروفها، فمن ارتكب جريمة فى السر لم يشهدها أحد عوقب عليها كما لو ارتكبها علانية على ملأ من الناس.