للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منعنا القصاص كلية فيما تخشى الزيادة فى استيفائه، فلأن يمنع الآلة التى يخشى منها الزيادة أولى، فإن كان الجرح موضحة أو ما أشبهها فيقتص بالموسى أو بحديدة ماضية معدة لذلك، ولا يستوفى إلا من له علم كما قدمنا كالجراّح ومن فى حكمه، وإن كان على موضع الجراحة شعر حلق، ثم تقاس الشجة بخشبة أو بخيط ويعلم طولها، ويقاس مثلها فى رأس الشاج وتعلم بخط بسواد أو بغيره، ثم تؤخذ حديدة عرضها عرض الشجة فيضعها فى أول المكان المعلم بالسواد ثم يجرها إلى آخره، وإن كان الفعل قطعًا من مفصل قطع الجراح مفصل الجانى بأرفق وأسهل ما يقدر عليه. وهكذا يراعى فى الاستيفاء أن يكون بما يؤمن معه الحيف والتعذيب، وأن يكون بآلة ماضية معدة للاستيفاء، وأن يكون الاستيفاء من خبير يأتى به على أرفق وجه وأسهله (١) .

وكل ذلك إنما هو تطبيق لشرط التماثل وأخذًا بقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "إن الله كتب الإحسان على كل شئ فإذا قتلتم فأحسنوا القتْلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة، ولُيحدَّ أحدكم شفْرتَه وليُرحْ ذبيحتَه".

ولا يقتص من الجانى فى حر شديد ولا برد شديد، حتى لا يكون للقصاص أثر على الجسم غير عادى، ولا يقتص من الجانى وهو مريض حتى يشفى من مرضه، ويعتبر النفاس مرضًا حتى تنتهى أيامه، وإذا وجب الحد على ضعيف الجسم يخاف عليه من الموت سقط الحد ووجبت عليه الدية (٢) .

ولا قصاص فيما دون النفس على حامل حتى تضع حملها ولو كان الحمل بعد الجناية (٣) .


(١) مواهب الجليل ج٦ ص٢٥٤ , بدائع الصنائع ج٧ ص٣٠٩ , المهذب ج٢ ص١٩٩ , المغنى ج٩ ص٤١٢
(٢) مواهب الجليل ج٦ ص٢٣٥.
(٣) المغنى ج٩ ص٤٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>