للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحب الإصبع بعد ذلك أخذ الأرش لتعذر استيفاء القصاص (١) .

ويرى الشافعى وأحمد أنهما إذا حضرا معًا قدم فى القصاص صاحب الأسبقية فى الاستحقاق، فإن كان قطع الإصبع أسبق قطعت إصبعه قصاصًا، وخير صاحب اليد بين العفو إلى الدية وبين القصاص وأخذ دية الإصبع لأنه وجد بعض حقه، فكان له استيفاء الموجود وأخذ بدل المفقود. ويرى بعض فقهاء مذهب أحمد أن له القصاص فقط وليس له دية الإصبع كما هو مذهب أبى حنيفة؛ لأنه لا يجمع فى عضو واحد بين قصاص ودية، وإن كان قطع اليد سابقًا على قطع الإصبع قطعت يمينه قصاصًا ولصاحب الإصبع أرشها (٢) . ويقاس على ما سبق ما لو قطع إصبع رجل من مفصل ثم قطع إصبع آخر من مفصلين ثم قطع إصبع ثالث كلها. وذلك كله فى إصبع واحدة كالسبابة مثلاً.

فعند مالك تقطع السبابة لهم جميعًا ولا شئ لهم إلا إذا كان الجانى قد قصد المثلة بهم فيقطع المفصل الأول للأول، والمفصل الثانى للثانى، والمفصل الثالث للثالث.

وعند أبى حنيفة إن جاءوا جميعًا يقطع المفصل الأعلى لصاحب المفصل الأعلى، ثم يخير صاحب المفصلين، إن شاء استوفى حقه قصاصًا من المفصل الأوسط ولا شئ له من الأرش، وإن شاء أخذ ثلثى دية إصبعه كاملة من مال القاطع. ويسلك أبو حنيفة هذه الطريقة لأن حق كل واحد من المجنى عليهم فى مثل ما قطع منه، فيجب إيفاء حقوقهم بقدر الإمكان وذلك فى البداية بما لا يسقط حق بعضهم، فالبداية بقطع المفصل الأعلى لا تسقط حق الآخرين فى القصاص أصلاً لإمكان استيفاء حقيهما من النقصان، ولكن البداية بالقصاص لصاحب الإصبع تسقط حق صاحب المفصل وصاحب المفصلين. أما إذا جاءوا متفرقين فإن جاء صاحب الإصبع أولاً قطعت له الإصبع، فإذا جاء الآخران فلهما أرش ما قطع منهما، وإن جاء صاحب المفصلين أولاً يقطع له المفصلان، ولصاحب المفصل الأعلى


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص٣٠٠ , ٣٠١.
(٢) المهذب ج٢ ص١٩٥ , ١٩٦ , الشرح الكبير ج٩ ص٤١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>