للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دخول ما دون النفس فى النفس، وفريق يرى أنه لا يدخل.

وإن قطع يد رجل وقتل آخر، فعند مالك يندرج الطرف فى النفس، فيقتل فقط ولا تقطع يده.

وعند أبى حنيفة والشافعى وأحمد تقطع يده أولاً سواء تقدم القطع أو تأخر لأن تقديم القتل يسقط من المقطوع، وإذا تقدم القطع لم يسقط حق المقتول. والقاعدة أنه إذا أمكن الجمع بين الحقين من غير نقص لم يجز إسقاط أحدهما (١) . وإذا كان أحد الفعلين عمدًا والثانى خطأ فلا تداخل، واعتبر كلا منهما بحكمه، سواء كان الثانى بعد برء الأول أو قبله، لأنهما جنايتان مختلفتان، فلا يحتملان التداخل، ويعطى لكل جناية حكمها، ففى العمد القصاص، وفى الخطأ الدية (٢) .

أما إذا كان الفعلان خطأ أو شبه عمد، فيفرق الفقهاء بين ما إذا كان القتل بعد برء القطع أم قبله، ويدخلون الأطراف فى النفس إذا كان القتل قبل البرء، ولا يدخلون الأطراف فى النفس إذا كان القتل بعد البرء، فمن قطع يد شخص ثم قتله قبل البرء أُلزم بدية واحدة، ومن قطع شخصًا ثم قتله بعد برء القطع ألزم بأرش اليد ودية النفس، ويرى بعض الفقهاء فى مذهب الشافعى أن الطرف لا يدخل فى النفس سواء كان القتل بعد البرء أو قبله، لأن الجناية على الطرف انقطعت سرايتها بالقتل، فلا يسقط ضمانها كما لو اندملت. ولكنه رأى مرجوح فى المذهب (٣) .

وإذا تعدد الجناة فقطع أحدهم يده مثلاً والثانى رجله ثم قتله ثالث، فلا يدخل ما دون النفس فى النفس كيفما كان بعد البرء أو قبله، لأن التداخل أساسه أن يكون الفاعل واحدًا.


(١) المغنى ج٩ ص٣٩٦ , وتراجع ص٣٨٦.
(٢) بدائع الصنائع ج٧ ص٣٠٣.
(٣) شرح الدردير ج٤ ص٦ , المغنى ج٩ ص٣٨٧ , المهذب ج٢ ص٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>