للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة علي بن أبي طالب في الخوارج، فقد اعتزلت طائفة من الخوارج علياً عليه السلام بالنهروان، فولى عليهم عاملاً أقاموا على طاعته زمناً وهو لهم موادع، إلى أن قتلوه، فأنفذ إليهم علي: أن سلموا القتلة، فأبوا، فقالوا: كلنا قتلة، فلما خرجوا عن الطاعة وجاهروا بالعصيان قاتلهم عليّ (١) .

ويشترط مالك والشافعي وأحمد أن يبدأ أهل البغي بالقتال حتى يقاتلوا أهل العدل وفي هذه الحال تستحل دماؤهم. أما أبو حنيفة فيكتفي بتجمعهم وامتناعهم ويرى في ذلك ما يكفي لقتالهم (٢) .

٨٠ - حقوق البغاة ومسئوليتهم أثناء الثورة وما بعدها: فإذا اشتعلت الثورة أو قامت الحرب الأهلية كان على ولي الأمر أن يقصد من القتال ردع البغاة لا قتلهم وإفنائهم، وأن يقاتل من أقبل منهم، ويكف عمن أدبر وهرب، وأن لا يجهز عن جريحهم، وأن لا يقتل أسيرهم (٣) أو من ألقوا سلاحهم منهم، وأن لا يصادر أموالهم، وأن لا يستولي على نساؤهم وأولادهم؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "منعت دار الإسلام ما فيه" (٤) .

فإذا انتهت حالة الحرب وانطفأت الثورة، وجب على ولي الأمر أن يرد على البغاة أموالهم التي في يد أهل العدل، وما تلف منها في غير قتال فهو مضمون على متلفه، وأما ما أتلفه أهل البغي في ثائرة الحرب من نفس ومال فهو هدر،


(١) الأحكام السلطانية ص٤٨، البحر الرائق ج٥ ص١٥٢، المغني ج١٠ ص٥٣- ٥٨، نهاية المحتاج ج٧ ص٣٨٣.
(٢) شرح فتح القدير ج٤ ص٤١١.
(٣) يرى أبو حنيفة قتل الأسير إذا أقتضت المصلحة ذلك، على خلاف باقي الأئمة، البحر الرائق ج٥ ص١٥٣.
(٤) الأحكام السلطانية ج٤٩، البحر الرائق ج٥ ص١٥٢- ١٥٣، المغني ج١٠ ص٦٣، نهاية المحتاج ج٧ ص٣٨٦- ٣٨٧، شرح الزرقاني ج٤ ص٦١- ٦٢، تبصرة الحكام ج٢ ص٢٤٩، أسنى المطالب ج٤ ص ١١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>