ثم يؤخذ من الدية بنسبة هذا النقص، فذلك هو ما يستحقه المجنى عليه، ولكن يشترط أن لا تبلغ الحكومة أرش جرح مقدر. فمثلاً إذا كان الجرح مما قبل الموضحة كالسمحاق فلا يجوز أن يبلغ أرش الموضحة، وحكى عن مالك أنه ما تخرجه الحكومة كائنًا ما كان لأنها جراحة لا مقدر فيها فوجب فيها ما نقص كما لو كانت فى سائر البدن.
ويرى بعض الفقهاء فى مذهب الشافعى أن يكون التقدير بالنسبة للعضو الذى حدثت به الإصابة لا بالنسبة لنفس، أى أنه علم نسبة النقص قدر النقص على أساس دية العضو الذى أصيب لا على أساس دية النفس، فإن كان النقص هو العشر مثلاً والجناية على اليد فالحكومة عشر دية اليد لا عشر دية النفس، وإن كانت الجناية على إصبع فالحكومة عشر دية الإصبع. وحجة هؤلاء أن اعتبار دية النفس قد يؤدى إلى أن تزيد الحكومة على دية الطرف الذى حدثت به الجناية.
وطريقة التقدير على أساس فرض المجنى عليه عبدًا لا تصلح اليوم لأن الرقيق أبطل من العالم فلا يمكن معرفة القيم المختلفة.
ولقد علمنا أن بعض الفقهاء فى مذهب أحمد والشافعى يرون أن ما قبل الموضحة إذا أمكن معرفة قدره من الموضحة وجب فيها على قدر ذلك من أرش الموضحة، ولعل هذه الطريقة يمكن استخدامها الآن فى تقدير الحكومة؛ فيقدر كل ما فيه حكومة على أساس ما فوقه مما له أرش مقدر.
ويشترط الفقهاء فى تقدير الحكومة أن يكون التقدير بمعرفة ذوى عدل من الفنيين فيأخذ القاضى بقولهما، وأن يكون التقدير بعد البرء لا قبله، ويصح أن يجتهد القاضى فى التقدير.
ومن المتفق عليه أن الحكومة تجب إذا شفى الجرح على شين، فإذا شفى على غير شين فقد اختلفوا، فيرى أحمد والشافعى أن الحكومة تجب ولو شفى الجرح على غير شين، ويرى مالك التعزير فقط، ويرى أبو يوسف أن فيها حكومة الألم، ويرى محمد أن فيها أجرة الطبيب (١) .