للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٢٢- والإقرار على قوته حجة قاصرة على نفس المقر لا تتعداه إلى غير كما يرى جمهور الفقهاء، فإذا اعترف بكر بأنه قتل زيدًا وأن عليًا شاركه جريمة القتل، فإن هذا الاعتراف يكون حجة قاصرة على بكر فقط ما دام على ينكره، فإذا سلم به على فإنه يؤاخذ لا باعتراف بكر وإنما باعترافه هو، وعلى هذا جرت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد روى أبو داود عن سهل بن معد أن رجلاً جاء الرسول فأقر عنده أنه زنا بامرأة سماها له، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المرأة فسألها عن ذلك فأنكرت أن تكون زنت فجلده الحد وتركها (١) . ولكن الإقرار يمكن أن يتعدى إلى غير المقدر عند من يرون الإثبات بقرائن الأحوال، إذا أمكن اعتبار إقرار المقر قرينة على غير المقر.

٤٢٣- ويشترط فى الإقرار المثبت للجناية أن يكون مبينًا مفصلاً قاطعًا فى ارتكاب الجانى الجناية، أما الاعتراف المجمل الذى يمكن أن يفسر على أكثر من وجه فلا تثبت به الجناية، فمن أقر مثلاً بقتل شخص لا يمكن اعتباره مسئولاً جنائيًا إذا فصل اعترافه عن كيفية القتل وأداته، فقد يكون المعترف طلب من القتيل أن يؤدى عملاً أو يذهب إلى مكان معين فقتل فيه، فاعتقد أنه تسبب فى قتله واعترف بالقتل على هذا الأساس، ويجب أن يبين إن كان القتل عمدًا أو شبه عمد أو خطأ؛ لأن لكل نوع من أنواع القتل أركانًا وعقوبات خاصة، ويجب أن يبين ظروف التل وسببه فقد يكون القتل وقع استعمالاً لحق أو أداء لواجب ولا مسئولية فى مثل هذه الحالة، فالإقرار الذى يؤخذ به الجانى هو الإقرار المفصل المثبت لارتكاب الجريمة ثبوتًا لا شك فيه.

٤٢٤- والأصل فى الاستفصال والتبين هو سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقد جاءه ماعز يعترف بالزنا ويكرر اعترافه، فسأل - صلى الله عليه وسلم - هل به جنون أو هو


(١) فتح القدير ج٤ ص١٥٨ , المغنى ج١٠ ص١٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>