للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك ثبوت السرقة على من يوجد فى حيازته المال المسروق، وأساس الثبوت هنا هو القرينة المستفادة من وجود المال فى حيازة المتهم والتى تدل غالبًا على أنه هو الذى سرقه (١) .

ومن ذلك جواز دفع اللقطة لمن يصفها بمميزاتها، وكذلك الوديعة والمسروقات، ما دام صاحب اللقطة أو الوديعة أو المال المسروق مجهولًا، وأساس هذا الحكم القرينة المستفادة من بيان صفات ومميزات الشىء والتى تدل على أن من وصفه هو صاحبه (٢) .

وليس يخلو مذهب فقهى من المذاهب الإسلامية من الاعتماد على القرائن فى استنباط الأحكام الفرعية، كما أن كثيرًا من الأحكام الأساسية أقامتها الشريعة على أساس القرائن، كقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "الولد للفراش"، فإن قيام الزوجية جعل دليلًا لإثبات الدعاوى الجنائية والمدنية ولهم فى ذلك آثار مشهورة (٣) .

وبالرغم من إقامة كثير من أحكام الشريعة على القرائن واتجاه القضاء من وقت نزول الشريعة إلى الأخذ بالقرائن، فإن جمهور الفقهاء لا يسلم باعتبار القرائن دليلًا. عامًا من أدلة الإثبات فى الجرائم اللهم إلا فيما نص عليه بنص خاص كالقسامة، ولعل عذرهم فى ذلك أن القرائن فى أغلب الأحوال قرائن غير قاطعة وأنها تحمل أكثر من وجه، فإذا اعتمد عليها كدليل لإثبات الجريمة فقد اعتمد على دليل مشكوك فيه لا يمكن التسليم مقدمًا بصحته.

أما أقلية الفقهاء فيرون الأخذ بالقرائن فى إثبات الجرائم مع الاعتدال، ومن


(١) الطرق الحكمية ص ٦.
(٢) طرق الإثبات الشرعية ص ٥١٨.
(٣) طرق الإثبات الشرعية ص ٦٣ - ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>