للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدخل تحت الحد بهذا المعنى جرائم الحدود وجرائم القصاص والدية؛ لأن عقوباتها جميعًا مقدرة شرعًا.

والمشهور هو تخصيص لفظ الحد لجرائم الحدود وعقوباتها دون غيرها (١) .

وتعريف عقوبة الحد بأنها العقوبة المقدرة حقًا لله تعالى يؤدى إلى هذا التخصيص، وبهذا العريف تخرج العقوبات المقررة لجرائم القصاص والدية، لأن هذه العقوبات وإن كانت مقدرة شرعًا إلا أنها مقررة حقًا للأفراد، كذلك تخرج عقوبات جرائم التعازير لأنها جميعًا عقوبات غير مقدرة.

ومعنى أن العقوبة مقدرة أن الشارع عين نوعها وحدد مقدارها ولم يترك اختيارها أو تقديرها لولى الأمر أو القاضى.

ومعنى أن العقوبة مقررة حقًا لله تعالى أنها مقررة لصالح الجماعة وحماية نظامها، والفقهاء حينما ينسبون العقوبة لله جل شأنه ويقولون إنها حق لله يعنون بذلك أنها لا تقبل الإسقاط لا من الأفراد ولا من الجماعة.

وتعتبر العقوبة حقًا لله تعالى كلما استوجبتها المصلحة العامة، وهى دفع الفساد عن الناس وتحقيق الصيانة لهم، فكل جريمة يرجع فسادها إلى العامة وتعود منفعة عقوبتها إليهم تعتبر العقوبة المقررة عليها حقًا لله، تأكيدًا لتحصيل المنفعة ودفع المضرة والفساد، لأن اعتبار العقوبة لله يؤدى إلى عدم إسقاطها بإسقاط الأفراد والجماعة لها (٢) .

٤٧٨ - الحد والجناية: ويعبر بعض الفقهاء عن جريمة الحد بلفظ الجناية، ويكتبون عن جرائم الحدود تحت عنوان الجنايات (٣) .

والجناية لغة: اسم لما يجنيه المرء من شر وما اكتسبه. وفى الاصطلاح الفقهى: اسم لفعل محرم شرعًا. ولفظ الجناية مرادف اصطلاحًا للفظ الجريمة، ولما كانت الحدود جرائم فقد صح أن


(١) نفس المرجع السابق..
(٢) شرح فتح القدير ج٤ ص١١٢، ١١٣، بدائع الصنائع ج٧ ص ٥٦.
(٣) المحلى لابن حزم ج١١ ص١١٨، ٣٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>