للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرى أبو حنيفة وأصحابه أن العاقل البالغ إذا زنا بمجنونة أو صغيرة يجامع مثلها وجب عليه الحد لأن فعله زنًا، ولأن العذر من جانبها لا يوجب سقوط الحد من جانبه (١) .

ويختلف مذهب مالك عن مذهب أبى حنيفة فى أن مالكًا يجعل الحد منوطًا بإمكان الجانى وطء الصغيرة ولو أن مثلها لا يجامع، أو لو كان الوطء غير ممكن لغيره، بينما يجعله أبو حنيفة منوطًا بصلاحية الصغيرة للجماع بصفة عامة.

ويتفق مذهب الشيعة الزيدية مع مذهب أبى حنيفة فى هذه الناحية (٢) .

ويرى الشافعيون حد العاقل البالغ إذا زنًا بمجنونة أو صغيرة مادام الوطء قد حدث فعلًا ولا يقيدون العقوبة بأى قيد (٣) . وعلى هذا مذهب الظاهريين (٤) .

وفى مذهب أحمد رأيان يتفق أحدهما مع مذهب الشافعى، أما الثانى فيخالفه فى حالة وطء الصغيرة مجنونة أو غير مجنونة، ويفرق أصحاب هذا الرأى بين ما إذا كانت الصغيرة يمكن وطؤها أو لا يمكن، فإن كان الوطء ممكنًا فهو زنًا يوجب الحد لأنها كالكبيرة فى ذلك، وإن كانت الصغيرة لا تصلح للوطء فلا حد على من وطئها وإنما عليه التعزير، وبعض أصحاب هذا الرأى يحدد سن الصغيرة التى لا تصلح للوطء بتسع سنوات؛ وحجته أن الصغيرة لا تشتهى فى هذه السن وأن وطأها يشبه ما لو أدخل إصبعه فى فرجها (٥) .

والقائلون بحد المرأة إذا وطئها صبى أو مجنون وبحد الرجل إذا وطئ مجنونة أو صبية يتفق رأيهم مع نص المادة (٣٩) من قانون العقوبات المصرى، وهى تقضى بأن الظروف الخاصة بأحد الفاعلين لا يتعدى أثرها إلى غيره منهم. على أن القائلين بالرأى المضاد لا يخالفون هذا المبدأ لذاته، ولكنهم يطبقون


(١) شرح فتح القدير ج٤ ص١٥٦.
(٢) شرح الأزهار ج٢ ص٣٣٨.
(٣) أسنى المطالب ج٢ ص١٢٨.
(٤) المحلى ج١٠ ص٤٧١، ج١١ ص٢٥٦.
(٥) المغنى ج١٠ ص١٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>