للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن تمكنه من نفسها ففعلت، فقال لعلى: ما ترى فيها؟ قال: إنها مضطرة، فأعطاها شيئًا وتركها. وإذا أُكره الرجل على الزنا فعليه الحد، وهو الرأى المرجوح فى مذهب مالك وأبى حنيفة والشافعى وأحمد والشيعة الزيدية، وحجة أصحاب هذا الرأى أن المرأة تكره لأن وظيفتها التمكين أما الرجل فلا يكره ما دام ينتشر، لأن الانتشار دليل الطواعية، ومقتضى هذا الرأى أنه إذا لم يكن انتشار وثبت الإكراه فلا حد.

والرأى الراجح فى هذه المذاهب جميعًا أنه لا حد على الرجل إذا أُكره لأن الإكراه يتساوى أمامه الرجل والمرأة، فإذا لم يجب عليها الحد لم يجب عليه، ولأن الانتشار قد يكون طبعًا وهو دليل على الفحولية أكثر مما هو دليل على الطواعية، ولأن القول بأن التخويف ينافى الانتشار غير صحيح، لأن المكره يخوف عند ترك الفعل لا عند إتيانه والفعل فى ذاته لا يخاف منه، وفضلا عن ذلك فإن الإكراه شبهة والحدود تدرأ عندهم بالشبهات (١) ويرى الظاهرين أنه لا حد على مكرهة أو مكره، فلو أمسكت امرأة حتى زُنى بها، أو أُمسك رجل فأُدخل إحليله فى فرج امرأة فلا شىء عليه ولا عليها سواء انتشر أو لم ينتشر، أمنى أو لم يمن، أنزلت هى أم لم تنزل، لأنهما لم يفعلا شيئًا أصلا، الانتشار والإمناء فعل الطبيعة الذى خلقه الله تعالى فى المرء أحب أم كره لا اختيار له فى ذلك (٢) .

وإذا مكنت المرأة مكرها من نفسها دون أن يقع عليها إكراه فعليها الحد دونه، لأن فعلها زنًا، ولأنها ليست مكرهة، ولا عبرة بإعفاء الرجل من العقاب


(١) شرح الزرقانى ج٨ ص٨٠، شرح فتح القدير ج٤ ص١٥٧، ١٦٦، أسنى المطالب ج٤ ص١٢٧، المهذب ج٢ ص٢٨٤، المغنى ج١٠ ص١٥٨، شرح الأزهار ج٤ ص٣٤٨.
(٢) المحلى ج٨ ص٣٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>