للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن مالكًا يرى استثناءً من هذه القاعدة قبول شهادة الصبيان بعضهم على بعض فى الدماء بشروط خاصة أهمها: أن يكون الشاهد مميزًا؛ أى ممن يعقل الشهادة، وأن لا يحضر الحادث كبير. وقد أجاز مالك شهادة الصبيان فى هذه الحالة للضرورة (١) .

وما يراه مالك هو رواية مذهب أحمد، حيث يرى قبول شهادة الصبيان فى الجراح إذا شهدوا قبل الافتراق عن الحالة التى تجارحوا عليها؛ لأن الظاهر صدقهم وضبطهم، فإن تفرقوا لم تقبل شهادتهم لاحتمال أن يُلقَّنوا. وروى عن أحمد رواية ثالثة تتلخص فى أن شهادة الصبى تقبل إن كان ابن عشر، ولكن البعض يخصص هذه الرواية بغير الحدود والقصاص (٢) .

وفى مذهب الزيدية رأى مرجوح يرى أصحابه جواز شهادة الصبيان بعضهم على بعض فى الشجاج ما لم يتفرقوا، ويتأول بعضهم هذا الرأى فيقول: إن الشهادة تقبل للتأديب لا للحكم (٣) .

٥٣٠ - ثانيًا: العقل: يشترط فى الشاهد أن يكون عاقلاً. والعاقل من عرف الواجب عقلاً، والضرورى وغيره، والممكن والممتنع، وما يضره وما ينفعه غالبًا، فلا تقبل شهادة مجنون ولا معتوه، ولكن تقبل الشهادة ممن يجن أحيانًا فى حالة إفاقته إذا كان يفيق إفاقة يعقل معها الشهادة، ولا تقبل شهادة المجنون لحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبى حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق" كما أن شهادة المجنون لا تقبل للمعنى المانع من قبول شهادة الصبى (٤) .


(١) مواهب الجليل [ج٦ ص١٧٧] .
(٢) المغنى [ج١٢ ص٢٧] .
(٣) شرح الأزهار [ج٤ ص١٩٣] .
(٤) مواهب الجليل [ج٦ ص١٥٠] ، المهذب [ج٢ ص٣٤٢] ، أسنى المطالب [ج٤ ص٣٣٩] ، الإقناع [ج٤ ص٤٣٩] ، شرح فتح القدير [ج٤ ص١٦٩] ، البحر الرائق [ج٧ ص٨٥] ، المحلى [ج٩ ص٤٢٩] .

<<  <  ج: ص:  >  >>