للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وسلم - أنه قال: "لا تقبل شهادة خصم ولا ظنين ولا ذى حِنَة"، والظنين المتهم، والقريب متهم بمحاباة قريبه.

ويرى الظاهريون والزيديون أن القرابة لا تمنع من قبول الشهادة ما دام الشاهد عدلاً، فكل عدل مقبول لكل أحد وعليه (١) .

ب - العداوة: وجمهور الفقهاء لا يقبلون شهادة العدو على عدوه إذا كانت العداوة من الشاهد والمشهود عليه فى أمر الدنيا كالأموال والمواريث والتجارة ونحوها. أما إذا كانت غضبًا لله لفسقه وجراءته على الله لغير ذلك لم تسقط. ولذلك تجوز شهادة المسلم على غير المسلم لأن عداوة الدين عامة، والمعتبر فى عدم قبول الشهادة العداوة الخاصة، وعلى هذا مذهب مالك والشافعى وأحمد والمذهب الزيدى (٢) .

وفى مذهب أبى حنيفة يرى المتأخرون أن شهادة العدو لا تقبل على عدوه إن كانت العداوة دنيوية؛ لأن المعاداة لأجل الدنيا حرام، فمن عادى لأجل الدنيا لا يؤمن منه التقول على عدوه. أما إذا كانت العداوة لأجل الدين فإنها لا تمنع من قبول الشهادة؛ لأنها تدل على كمال دين الشاهد وعدالته، وهذا لأن المعاداة قد تكون واجبة كأن رأى فيه منكرًا ولم ينته بنهيه.

أما المتقدمون من فقهاء المذهب فيرون أن العداوة بسبب الدنيا لا تمنع من الشهادة ما لم يفسق الشاهد بسببها أو يجلب منفعة أو يدفع بها عن نفسه مضرة.

ويرى أبو حنيفة نفسه أن شهادة العدو على عدوه تقبل إن كان عدلاً، ولكن المتأخرين خالفوا رأيه لما رواه أبو داود مرفوعًأ: "لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا زانٍ ولا زانية ولا ذى غَمَر على أخيه". والغمر هو الحقد (٣) .


(١) المحلى [ج٩ ص٤١٥] ، شرح الأزهار [ج٤ ص١٩٨، ١٩٩] .
(٢) مواهب الجليل [ج٦ ص١٥٩] ، أسنى المطالب [ج٤ ص٢٥٢] ، المهذب [ج٤ ص٢٥٢] ، المهذب [ج٢ ص٣٤٨] ، المغنى [ج١٢ ص٥٥] ، شرح الأزهار [ج٤ ص١٩٧] .
(٣) البحر الرائق [ج٧ ص٩٣، ٩٤] .

<<  <  ج: ص:  >  >>