للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا حد عليهم، وإن كان الرد بسبب ظاهر كانوا مفرطين فوجب الحد عليهم (١) . وفى مذهب أحمد ثلاث روايات إن كان الشهود غير مرضيين كلهم أو أحدهم، الأولى: عليهم الحد لأنها شهادة لم تكمل فوجب الحد على الشهود كما لو كانوا ثلاثة، والثانية: لا حد عليهم لأنهم جاءوا أربعة شهداء فدخلوا فى عموم الآية لأن عددهم كمل ورد الشهادة لمعنى غير تفريطهم، فأشبه ما لو شهد أربعة مستورون ولم تثبت عدالتهم أو فسقهم، والثالثة: إذا كانوا فساقًا فلا حد عليهم وإن لم يكونوا كذلك وكانوا غير مرضى الشهادة كالكفار والعميان فعليهم الحد (٢) .

ويلاحظ بهذه المناسبة ما سبق أن قلناه من أن فى مذهب الشافعى وأحمد رأيًا يرى أصحابه أن لا يُحد الشهود إذا نقض عددهم ما دام أنهم قد جاءوا مجئ الشهود.

ومذهب الزيديين على أنه إذا كمل عدد الشهود سقط حد القذف عنهم ولو لم تكمل عدالتهم، لكن إذا لم يكونوا عدولاً لم يحد المقذوف، وكذلك لو كان أحد الشهود غير أهل للشهادة كالأعمى والمجنون، فإن الحد يسقط عن الشهود وعن المقذوف (٣) ، ومعنى ما سبق أن الشهود لا يحدون إلا فى حالة واحدة هى أن لا يكمل عددهم أربعة.

أما الظاهريون فقد رأينا من قبل أنهم لا يرون حد الشاهد سواء كان وحده أو كان معه غيره، ذلك أن الحد جعل للقاذف لا للشاهد.

ومن المتفق عليه أن شاهد السماع لا حد عليه إذا لم تقبل شهادته أو لم يكمل عدد الشهود؛ لأن شهادته لا تعتبر قذفًا إذ أنه ينقل عن غيره والمفروض أنه حسن النية (٤) ، فإذا شهد ثلاثة بأنهم رأوا الزنا وشهد الرابع بأنه سمع من آخر بأنه رأى الزنا لم تكمل الشهادة وحُدَّ شهود الرؤية عند من يرى حد الشهود إذا لم


(١) المهذب [ج٢ ص٣٥٠] .
(٢) المغنى [ج١٠ ص١٨١] .
(٣) شرح الأزهار [ج٤ ص٣٥٤، ٣٥٥] .
(٤) بدائع الصنائع [ج٧ ص٤٨] .

<<  <  ج: ص:  >  >>