للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنفاس فخشى إن جلدها أن يقتلها، فعاد إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فقال له: "يا على أفرغت" قال: أتيتها ودمها يسيل، فقال: "دعها حتى ينقطع عنها الدم ثم أقم عليها الحد" (١) .

ويرى بعض الفقهاء فى مذهب أحمد أن الحد يقام ولا يؤخر لأن الحد واجب فلا يؤخر ما أوجبه الله بغير حجة، ويحتج هذا الفريق بأن عمر رضى الله عنه أقام الحد على قدامة بن مظعون فى مرضه ولم يؤخره، وأنتشر ذلك فى الصحابة فلم ينكروه فكان إجماعًا (٢) (٦) ، ويعتبر الفقهاء النفاس مرضًا.

المريض الذى لا يرجى شفاؤه: يرى أبو حنيفة والشافعى وأحمد أن المريض الذى لا يرجى شفاؤه من مرضه يقام عليه الحد فى الحال ولا يؤخر، ولكنهم يشترطون أن يقام الحد بسوط يؤمن معه التلف كالقضيب الصغير وشمراخ النخل، فإن خيف عليه من ذلك جمع ضغث فيه مائة شمراخ فضرب به ضربة واحدة بمائة شمراخ لأنه زنا، ولأن المريض الميؤوس من شفائه إما أن يترك لمرضه فلا ينفذ عليه الحد أو ينفذ عليه كاملا فيفضى ذلك إلى موته فتعين التوسط فى الأمر وجلده جلدة واحدة بمائة شمراخ، وليس ثمة ما يمنع من أن تقوم الضربة الواحدة بمائة شمراخ مقابل المائة ضربة كما قال الله تعالى: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلا َ تَحْنَثْ} [النور:٤٤] ، فهذا أولى من ترك أو قتل المريض بما لا يوجب القتل (٣) .

ولكن مالكًا لا يأخذ بهذا الرأى ويرى ضرب المريض الذى لا يرجى شفاؤه مائة جلدة، ولا يرى فى ضربه بالعِثْكال إلا جلدة واحدة.

* * *


(١) شرح فتح القديرج٤ ص ١٣٧، أسنى المطالب ج٤ص ١٣٣، ج١٠ ص ١٤١.
(٢) المغنى ج١٠ص ١٤١.
(٣) المغنى ج١٠ص ١٤٢، شرح فتح القدير ج٤ ص ١٣٧، أسنى المطالب ج٤ ص ١٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>