ولكن الفقهاء مع هذا متفقون على أن من له حق المخاصمة يستطيع أن يخاصم دون توقف على غيره ممن له نفس الحق ولو كان هذا الغير أقرب درجة للميت؛ أى أن الأبعد درجة من الميت يستطيع أن يخاصم ولو لم يخاصم الأقرب (١) .
وإذا كان الفقهاء يعللون المخاصمة بأنها لدفع العار عن المخاصم من أصول الميت أو فروعه أو ورثته أو عصباته وكان للأبعد أن يخاصم مع وجود الأقرب فمعنى ذلك أن الدعوى قصد منها حماية الأحياء لا حماية الميت ودفع العار عنهم لا عنه خصوصًا وأن القذف يتعدى دائمًا المقذوف إلى غيره؛ إذ القذف فى الشريعة معناه رمى المقذوف بالزنا أو نفى النسب عنه فالمقذوف إذا رمى بالزنا تعداه القذف إلى غيره. ومن رمى امرأة بالزنا تعداها القذف على أقل تقدير إلى أولادها، والمقذوف إذا قذف بما ينفى نسبه تعداه القذف إلى أصوله وفروعه وورثته.
٥٦٨ - بين الشريعة والقانون: الرأى السائد فى القوانين الوضعية اليوم أن القوانين توضع لحماية الأحياء دون الأموات، ومن ثم فقذف الميت لا عقاب عليه إلا إذا تعدى أثر القذف إلى الأحياء من ورثة المقذوف أو ذوى قرباه فلا مانع إذن من المحاكمة والعقاب. وبعض القوانين لا يعلق رفع الدعوى على شكوى المقذوف أو ورثته كما هو الحال فى القانون المصرى، ولكن بعض القوانين يشترط لرفع الدعوى شكوى المقذوف كما هو الحال فى القانون الفرنسى، فإذا مات المجنى عليه سقط بموته حق الشكوى، إلا إذا قصد من القذف المساس بكرامة أسرة المقذوف وذويه الأحياء فيحق لهم حينئذ أن يرفعوا الشكوى باسمهم. واتجاه القوانين الوضعية فى قذف الأموات لا يكاد يختلف عن اتجاه الشريعة. فدعوى القذف فى الشريعة تمس دائمًا أسرة المقذوف وأهله، فإذا