للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ الحد وإن كان والآدمى يرث الآدمى فيما كان مالا أو متصلا بالمال وحق المخاصمة ليس شيئًا من هذا.

٢ - العفو: فمن غلب حق الله على حق الآدميين كأبى حنيفة رأى أن المقذوف ليس له أن يعفو عن القاذف بعد ثبوت الجريمة عليه، فإن عفا كان عفوه باطلا، لأن الحد حق من حقوق الله فليس للفرد أو الجماعة إسقاطه ولا يسقط بالعفو كسائر الحدود. ومن غلب حق العبد على حق الله كالشافعى وأحمد رأى المقذوف له أن يعفو عن القاذف إلى وقت إقامة الحد، فإن عفا عنه سقط الحد، على إنه إذا تعدد المقذوفين وكانت الجريمة محكومًا فيها بحد واحد فيشترط لسقوط الحد أن يكون العفو من جميع المقذوفين، فإذا عفا البعض دون البعض وجب الحد لمن لم يعف ولم يسقط بعفو من عفا (١) .

ولمالك آراء متعددة فى العفو أولها: أن العفو يصح إلى ما قبل التبليغ فإذا لم يعف المقذوف وبلغ عن الحادث فلا عفو بعدها. وثانيها: أن العفو يصح إلى ما قبل سماع الشهود، فإن أدى الشهود شهادتهم فلا عفو بعدها.

وثالثها: أن العفو جائز قبل التبليغ وبعده كلما قصد المقذوف من العفو أن يستر على نفسه (٢) . والقائلون بالعفو يجيزون أن يكون العفو صريحًا أو ضمنيًا، ويرتبون على العفو قبل التبليغ عدم جواز رفع الدعوى لسقوط حق المقذوف فى الشكوى بالعفو.

* * *


(١) المغنى ج١٠ ص ٢٠٤، المهذب ج٢ ص ٢٩٢.
(٢) المدونة ج ١٦ ص ١٦، مواهب الجليل ج ٦ ص ٣٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>