وقد اندفعت هذه الجماعات إلى المناداة بتحريم الخمر بعد ما أثبته العلم من أن شرب الخمر مضر بالصحة وأنه يضعف الجسم والعقل بصفة عامة ويؤدى إلى قلة النسل وانحطاطه من الناحيتين الجسمانية والعقلية، وكذلك ثبت أن شرب الخمر يؤدى إلى ضعف الإنتاج، وهذا الذى أثبته العلم الحديث يؤيد مطلقًا نظرية الشريعة الإسلامية. وقد ترتب على الدعوة القوية لتحريم الخمر أن ابتدأت الدول غير إسلامية تضع فكرة تحريم الخمر موضع تنفيذ من القرن الحالى. فالولايات المتحدة الأمريكية أصدرت من عدة سنين قانونًا يحرم الخمر تحريمًا تامًا. وقد أصدرت الهند من سنتين قانونًا مماثلا. وهاتان هما الدولتان الكبيرتان اللتان حرمتا الخمر، أما أكثر الدول فقد استجابت للدعوة استجابة جزئية فحرمت تقديم الخمر وتناولها فى المحلات العامة فى أوقات معينة من النهار أو أيام معينة من العام، كما حرمت تقديمها أو بيعها لمن لم يبلغوا سنًا معينة.
ونستطيع أن نقول بعد ذلك إن العالم غير الإسلامى أصبح اليوم مهيئًا لفكرة تحريم الخمر بعد أن ثبت علميًا أنها تضر بالشعوب ضررًا بليغًا، وأن الدعوة إلى التحريم تأخذ طريقها ويشتد ساعدها كل يوم وتجد من العلماء والمصلحين كل تعضيد، وأن اليوم الذى تحرم فيه كل الدول الخمر تحريما ً قاطعًا لم يعد بعيدًا، وأن العالم غير الإسلامى قد بدأ يأخذ بنظرية الشريعة الإسلامية ويسير على أثرها فسجل على نفسه بذلك أنه استجاب للحق بعد أن ظل يدعى إليه ثلاثة عشر قرنًا فلا يستجيب.
ولقد كان هذا حريًا أن يدفع البلاد الإسلامية إلى المسارعة بتحريم الخمر وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية ولكن المسلمين لا يزالون يغطون فى نومهم، عاجزين عن الشعور بما حولهم، بل عاجزين عن الشعور بأنفسهم، وسيأتى قريبًا اليوم الذى يصبح فيه تحريم الخمر عامًا فى كل الدول فتتم معجزة الشريعة الإسلامية